حكم الأخذ ببعض الأحكام وترك البعض الآخر

الواقع سماحة الشيخ وأنتم تتفضلون بهذا الشرح الموجز لهذا الركن العظيم من أركان الإسلام، الركن الأول: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، كثير من إخواننا المسلمين يتساهلون في بعض الأمور؛ البعض يعتقد أن ذلك التساهل يؤثر على التوحيد يؤثر على هذا الركن من أركان الإسلام، فمثلاً: عند تحكيم القرآن والسنة وتنفيذ ذلك التحكيم أو تنفيذ بعض الأحكام وترك البعض الآخر هل يؤثر هذا على القيام بهذا الركن أو لا؟

الإجابة

هذا فيه تفصيل, أما من حكم بغير ما أنزل الله وهو يعلم أنه واجب عليه الحكم بما أنزل الله وأنه خالف الشرع ولكن استباح هذا الأمر ورأى أنه لا حرج عليه في ذلك وأنه يجوز له أن يحكم بغير شريعة الله فهذا كافر كفراً أكبر عند جميع العلماء, من استحل الحكم بغير ما أنزل الله كالحكم بالقوانين الوضعية التي وضعها الرجال من النصارى أو اليهود أو غيرهم وزعم أنه يجوز الحكم فيها, أو زعم أنها أفضل من حكم الله والعياذ بالله, أو زعم أنها تساوي حكم الله وأن الإنسان مخير إن شاء حكم بالقرآن والسنة وإن شاء حكم بالقوانين الوضعية من اعتقد هذا كفر عند جميع المسلمين, من قال إنه يجوز الحكم بالقوانين أو أنها أفضل, أو أنها مساوية لحكم الله كفر إجماعاً, أو أنها أنسب لأهل الزمان هو كافر بالإجماع, أما من حكم بغير ما أنزل الله لهوىً وقصد وحظ عاجل وهو يعلم أنه مخطئ, يعلم أنه فعل منكراً وأن الواجب حكم الله ولكن حكم بقانون أو برشوة لطمع أو لحاجات أخرى في نفسه فهذا يكون أتى منكراً عظيماً ومعصية كبيرة وكفراً لكن يسمى كفراً أصغر كما قال ابن عباس, ومجاهد, وغيره كفر دون كفر, وظلم دون ظلم, وفسق دون فسق, كالذي يحكم بالرشوة, أو يحكم بأي قانون لكن مع علمه إيمانه بأنه مخطئ وأنه غلطان ولكن حمله الهوى, أو حب الرياسة ويعلم أنه مخطئ وأنه ظالم فهذا قد أتى كفراً لكن ليس هو الكفر الأكبر, بل كفر دون كفر, وظلم دون ظلم, وفسق دون فسق هذا عند أهل السنة والجماعة, أما إن اعتقد الجواز وقال يجوز له, أو اعتقد أن حكم الطاغوت حكم غير الله أنسب لهذا الزمان وأصلح لهم من حكم الله, أو أن حكم الله يساوي حكم القانون, أو يجوز ولكن حكم الله أفضل و يجوز القانون لكن حكم الله أفضل منه كل هذا كفر أكبر وردة عن الإسلام نعوذ بالله إذا كان مسلماً, يكون مرتداً عن الإسلام لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من بدل دينه فاقتلوه), وهذا بدل دينه يعني استحل حكم غير الله, والله يقول-جلا وعلا-: وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ, ويقول-سبحانه-: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ, ويقول- عز وجل-: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا, ويقول-سبحانه-: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ, فلا أحد أحسن من الله- سبحانه وتعالى- فحكم الله هو أحسن الأحكام, وهو واجب الإتباع, وهو الذي به صلاح الأمة وصلاح العالم ولكن أكثر الخلق في غفلة عن هذا نسأل الله السلامة. جزاكم الله خيراً