حكم مس المرأة بعد الوضوء

أحسن رجل الوضوء مقلداً الإمام الشافعي -رحمه الله-، ثم مس امرأة أجنبية، وقال: قلدت الإمام مالك وصلى، هل صلاته صحيحة بهذا الخلط بين المذهبين أم لا؟

الإجابة

ينبغي للمؤمن أن لا يكون عمله هكذا بالتقليد، بل ينبغي له أن يسأل أهل العلماء، أو يتفقه إن كان عنده فقه، ينظر في الأدلة الشرعية حتى يأخذ بالدليل، لا بالآراء المجردة، فيتابع هواه في مسألة، ويتابع هواه في مسألة أخرى، فيقلد هذا تارة، وهذا تارة، هذا ليس من شأن أهل العلم، وليس من شأن أهل الورع والاجتهاد في الدين، فالواجب على طالب العلم أن يعتني بالأدلة، وأن يأخذ بما يقوم عليه الدليل، فإن كان قاصراً على ذلك نظر في كلام أهل العلم، وأخذ بما يراه أقرب إلى الصواب من أقوالهم، وتحرى الحق في ذلك، والصواب في هذه المسألة أن مس المرأة لا ينقض الوضوء، هذا هو الصواب؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ربما قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ، ولأن الأصل صحة الطهارة وسلامتها، فلا يجوز أن يقال بفسادها إلا بدليل، وليس هناك دليل واضح مع من قال أن مس المرأة ينقض الوضوء مطلقاً، سواءٌ بشهوة أو بغير شهوة، هذا هو الصواب وهذا هو الأرجح من حيث الأدلة، والعلماء لهم ثلاثة أقوال في هذا: منهم من قال: إن مسها ينقض مطلقاً، ومنه من قال: لا ينقض مطلقاً، ومنهم من قال: ينقض بشهوة، ولا ينقض إذا كان بغير شهوة، والقول الأرجح هو قول من قال: لا ينقض مطلقاً لعدم الدليل على النقض، أما قوله -جل وعلا-: أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء[النساء: 43] وفي قراءة: (أو لمستم النساء) فسر ذلك ابن عباس بأنه الجماع، وهو الصواب المراد به الجماع، ليس المراد به اللمس باليد، المراد به الجماع، فالقوله: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ[النساء: 43]، هذا إشارة إلى الحدث الأصغر، أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء إشارة إلى الحدث الأكبر وهو الجنابة، فأشار إلى هذا بما يناسبه وهو الملامسة، وأشار إلى الحديث الأصغر بقوله: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ، فالحاصل أن الصواب في هذه المسألة هو مع من قال إن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كما تقدم قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ. إلى هنا أيها السادة ونأتي على نهاية لقائنا هذا...