الصيام بِدون صلاة

السؤال: ما حُكْم مَن صام بِدون صلاة؟

الإجابة

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فقدْ سبقَ أنْ بيَّنا حكم تارك الصلاة في الفتوى: "حكم تارك الصلاة" .

وبِمراجعة الفتاوى المُحال عليْها يتبيَّن: أنَّ تاركَ الصَّلاة لا يُقْبَل منه عمل: من زكاةٍ، ولا صيامٍ، ولا حجٍّ، ولا شيء.

وقد روى البخاريُّ عن بُرَيْدَة قال: قال رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم: "مَن ترك صلاة العَصْرِ، فقد حَبِطَ عَمَلُهُ"، ومعنى: "حبط عملُه" أي: بَطَلَ، ولم ينتفِع به.

فهذا الحديثُ يدلُّ على: أنَّ تارِك الصَّلاة لا يَقبَل اللهُ منه عملاً، فلا ينتفعُ تاركُ الصلاةِ من عمله بشيء، ولا يَصْعَدُ له إلى الله عملٌ.

قال ابن القيِّم رحِمه الله تعالى في معنى هذا الحديث، في كتابه "الصلاة": "والَّذي يظهر في الحديث أنَّ التَّرك نوعان: تركٌ كُلِّيٌّ، لا يصلِّيها أبدًا، فهذا يُحبِطُ العملَ جَميعَه، وتركٌ معيَّنٌ في يومٍ معيَّنٍ، فهذا يُحْبِط عملَ ذلك اليومِ، فالحبوطُ العامُّ في مقابلةِ التَّركِ العامِّ، والحبوطُ المعيَّنُ في مقابلةِ التَّركِ المعيَّنِ".اه.

وسُئِلَ الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى الصيام" عن حُكْمِ صِيام تارك الصلاة؟
فأجاب:
"تاركُ الصَّلاة صوْمُه ليس بصحيحٍ ولا مقبول منه؛ لأنَّ تاركَ الصلاة كافرٌ مرتَدٌّ؛ لقولِه تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11]، ولقول النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "بَيْنَ الرَّجُلِ وبَيْنَ الشِّرْكِ والكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ"؛ رواه مسلم (82)، ولقولِه صلَّى الله عليْه وسلَّم: "العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وبَيْنَهُمُ الصَّلاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ" (رواه الترمذي (2621)، وصحَّحه الألبانيُّ في صحيح التِّرمذي).

ولأنَّ هذا قول عامَّة الصَّحابة، إن لم يكن إجْماعًا منهُم؛ قال عبدالله بن شقيق رحِمه الله وهو من التَّابعين المشهورين: "كان أصحابُ النَّبي صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ لا يَرَوْن شيئًا من الأعمال ترْكُه كفرٌ غيْرَ الصَّلاة".

وعلى هذا؛ فإذا صامَ الإنسانُ وهو لا يصلِّي، فصومُه مردودٌ غيْرُ مقبول، ولا نافِعَ له عند الله يومَ القيامة، ونَحنُ نقولُ له: صَلِّ ثُمَّ صُم، أمَّا أن تصوم ولا تصلِّي، فصومُك مردودٌ عليْك؛ لأنَّ الكافِرَ لا تُقبَل منه العبادة".اه.

وسُئِلَتِ اللَّجنة الدائمة (10/140): إذا كان الإنسان حريصًا على صيام رمضانَ، والصلاةِ في رمضان فقط، ولكن يتخلَّى عن الصَّلاة بِمجرَّد انتهاء رمضان، فهل له صيام؟

فأجابت: "الصلاةُ ركنٌ من أركانِ الإسلام، وهي أهمُّ الأركان بعد الشَّهادتيْن، وهِي من فروض الأعيان، ومَن ترَكَها جاحدًا لوجوبِها، أو تَركها تَهاوُنًا وكسلاً - فقد كفر، وأمَّا الذين يصومون رمضان، ويصلُّون في رمضان فقطْ، فهذا مُخادعة لله، فبئْس القومُ الَّذين لا يعرفونَ الله إلا في رمضان، فلا يصِحُّ لَهم صيامٌ مع ترْكِهم الصلاة في غيْرِ رمضان، بل هُم كفَّار بذلك كُفْرًا أكبر، وإنْ لَم يَجْحَدوا وجوبَ الصَّلاة في أصحِّ قَوْلَيِ العُلماء".اه،، والله أعلم.