الإجابة:
لا تعارض بين الآيتين الكريمتين، لأن الآية الأولى محمولة على المرتد
الذي لم يتب، ومات على ردته، فهؤلاء لا تقبل توبتهم لو تابوا عند
الموت لقوله تعالى: {وَلَيْسَتِ
التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا
حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ}
[سورة النساء: آية 18]، ولقوله تعالى: { وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ
فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي
الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ} [سورة البقرة: آية 217].
الحاصل أن الآية الأولى هي فيمن ارتد عن الدين، واستمر على ردته ولم
يتب إلا عند الموت وعند الغرغرة كما في الحديث "إن التوبة تقبل ما لم يغرغر" [رواه
الإمام أحمد في "مسنده" من حديث عبد الله بن عمر رضي الله
عنهما]، وبعض العلماء يحملها على من تكررت ردته فإنه لا تقبل توبته
بل يقام عليه حد الردة بكل حال.
وأما الآية الثانية وهي قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا
عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ}
[سورة الزمر: آية 53] فهذه في الذي يتوب قبل حضور الموت فإن
الله جل وعلا يتوب عليه، وبهذا يتضح أنه لا تعارض بين الآيتين
الكريمتين.