فرح الله بتوبة عبده

يذكر المستمع بعضاً من معاني ذلكم الحديث، ويرجو أن تتفضلوا بنصه إذا أمكن، وشرح الحديث؟ جزاكم الله خيراً

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم براحلته التي عليها طعامه وشرابه، فأضلها في أرض فلاة، فاضطجع قد أيس منها، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة على رأسه، فلما رآها أخذ بخطاها وقال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك! أخطأ من شدة الفرح)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وهذا يدل على فضله وإحسانه جل وعلا، وأنه سبحانه يحب لعباده أن يتوبوا إليه وأن يستقيموا على طاعته حتى يفوزوا بجنته ونعيمه، والفرح من الله جل وعلا، مثل سائر الصفات، كالرضا والغضب والرحمة والمحبة وغير ذلك، كلها صفات تليق بالله يجب إثابتها لله، على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى، وليست من جنس صفات المخلوقين فغضب الله، ليس كغضب المخلوقين، وفرحه ليس كفرحهم، ورضاه ليس كرضاهم، وهكذا رحمته ومحبته وكراهته، وسمعه وبصره وغير ذلك كلها صفات كاملة تليق بالله لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى؛ لقول الله عز وجل في كتابه العظيم: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11) سورة الشورى، ولقوله سبحانه: فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (74) سورة النحل، وقوله -عز وجل-: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ*اللَّهُ الصَّمَدُ*لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ*وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ سورة الإخلاص، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة قاطبة جميعاً، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان، هؤلاء هم أهل السنة: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان الذين ساروا على نهجهم وعلى طريقهم، واستمسكوا بما كانوا عليه من العلم والعمل، هم أهل السنة والجماعة، وعلى رأسهم: أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعثمان رضي الله عنه، وعلي رضي الله عنه، وهكذا بقية الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ثم التابعون بعدهم كمحمد بن سيرين وسعيد بن المسيب، وعطاء بن يسار، وعطاء بن أبي رباح، وغيرهم من أئمة التابعين رحمة الله عليهم، وهكذا أتباع التابعين كمالك بن أنس الإمام المعروف رحمه الله، وأبي حنيفة رحمه الله، وهكذا من بعدهم كالشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وسفيان الثوري وغيرهم من أئمة الإسلام، هؤلاء ومن بعدهم ممن سار على نهجهم هم أهل السنة والجماعة، كلهم أجمعوا على أن الواجب إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت، والإيمان بمعناها وأن معناها حق لائق بالله، وأنه سبحانه لا يماثل خلقه لا في ذاته ولا في أسمائه وصفاته سبحانه وتعالى، وذلك هو مقتضى قوله عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11) سورة الشورى، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) سورة الإخلاص، وما جاء في معناها من الآيات، والله ولي التوفيق.