ما جاء في أن حب الوطن من الإيمان

السؤال: سائل يسأل عن الكلام الذي يتردد على ألسنة كثير من الناس: "حب الوطن من الإيمان": هل هو حديث صحيح، ومن رواه، وهل معناه صحيح؟

الإجابة

الإجابة: قال العجلوني في (كشف الخفاء): "حب الوطن من الإيمان"، قال الصغاني: موضوع (1).

قال في (المقاصد) (2): لم أقف عليه، ومعناه صحيح.

ورد القاري قوله: (ومعناه صحيح) بأنه عجيب، قال: إِذْ لا تلازم بين حب الوطن وبين الإيمان. قال: ورُدَّ أيضا بقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم} (3) الآية. فإنها دلت على حبهم وطنهم مع عدم تلبسهم بالإيمان؛ إِذْ ضمير: {عَلَيْهِمْ} للمنافقين.

لكن انتصر له بعضهم بأنه ليس في كلامه أنه لا يحب الوطن إلا مؤمن، وإنما فيه أن حب الوطن لا ينافي الإيمان.

والأظهر في معنى الحديث -إن صح مبناه- أن يحمل على أن المراد بالوطن: الجنة؛ فإنها المسكن الأول لأبينا آدم عليه السلام أو المراد به مكة؛ فإنها أم القرى وقبلة العالم، أو المراد به الوطن المتعارف، ولكن بشرط أن يكون سبب حبه صلة أرحامه، أو إحسانه إلى أهل بلده من فقرائه وأيتامه. والتحقيق أنه لا يلزم من كون الشيء علامة له، اختصاصُهُ به مطلقا، بل يكفي ذلك غالبا؛ ألا ترى إلى حديث: "حسن العهد من الإيمان، وحب العرب من الإيمان"، مع أنهما يوجدان في أهل الكفران. انتهى ملخصًا.

وقال الألباني في (سلسلة الأحاديث الضعيفة) (4): "حب الوطن من الإيمان" موضوع، كما قال الصغاني وغيره، ومعناه غير مستقيم؛ إذ إن حب الوطن كحب النفس، والمال، ونحوه، كل ذلك غريزي في الإنسان، لا يمدح بحبه، ولا هو من لوازم الإيمان؛ ألا ترى أن الناس كلَّهم مشتركون في هذا الحب، لا فرق في ذلك بين مؤمنهم وكافرهم.أ.ه، والله أعلم.

___________________________________________

1 - انظر (الموضوعات) للصغاني: رقم (81)، و(كشف الخفاء) (1102).
2 - (المقاصد الحسنة) للسخاوي (386).
3 - سورة النساء: الآية (66).
4 - انظر الحديث رقم (36).