تقديم الأم على الأب في الحج أفضل لأن حقها أعظم وأكبر

توفي والدي منذ خمس سنوات، وبعده بسنتين توفيت والدتي، قبل أن يؤديا فريضة الحج، وأرغب أن أحج عنهما بنفسي، فسمعت بعض الناس يقول: يلزمك أن تحج عن أمك أولاً؛ لأن حقها أعظم من حق الأب، وبعضهم يقول: تحج عن أبيك أولاً؛ لأنه مات قبل أمك. وبقيت محتاراً فيمن أقدم؟ وضحوا لي أثابكم الله؟

الإجابة

حجك عنهما من البر الذي شرعه الله عز وجل، وليس واجباً عليك، ولكنه مشروع لك ومستحب ومؤكد؛ لأنه من برهما، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لما سأله رجل: "هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به؟ قال: ((نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما))[1]. والمقصود أن من برهما بعد وفاتهما أداء الحج عنهما. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سألته امرأة، قالت: يا رسول الله، إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج وهو شيخ كبير لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: ((حجي عن أبيك))[2]، وسأله آخر عن أبيه، قال: إنه لا يثبت على الراحلة ولا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه وأعتمر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((حج عن أبيك واعتمر))[3].
فالمشروع لك يا أخي أن تحج عنهما جميعاً وأن تعتمر عنهما جميعاً، أما التقديم فلك أن تقدم من شئت، إن شئت قدمت الأم، وإن شئت قدمت الأب، والأفضل هو تقديم الأم؛ لأن حقها أكبر وأعظم ولو كانت متأخرة الموت وتقديمها أولى وأفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل فقيل له: يا رسول الله، من أبر؟ قال: ((أمك)) قال: ثم من، قال: ((أمك)) قال: ثم من، قال: ((أمك))، قال: ثم من؟ قال: ((أباك))[4] فذكره في الرابعة. وفي لفظ آخر سئل عليه الصلاة والسلام قيل: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: ((أمك)) قال: ثم من؟ قال: ((أمك))، قال : ثم من؟ قال: ((أمك))، قال: ثم من؟ قال: ((أبوك))[5]. فدل ذلك على أن حقها أكبر وأعظم، فالأفضل البداءة بها ثم تحج بعد ذلك عن أبيك وأنت مأجور في ذلك ولو بدأت بالأب فلا حرج. [1] رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين) حديث أبي أسيد الساعدي برقم 15629، وأبو داود في (الأدب) باب في بر الوالدين برقم 5142.
[2] رواه الإمام أحمد في (مسند بني هاشم) باقي مسند ابن عباس برقم 3041، والنسائي في (مناسك الحج) باب الحج عن الميت الذي لم يحج برقم 2634.
[3] رواه الإمام أحمد في (مسند الشاميين) حديث أبي رزين العقيلي برقم 15751، والنسائي في (المناسك) باب وجوب العمرة برقم 2621.
[4] رواه الإمام أحمد في (مسند البصريين) حديث معاوية بن حيدة برقم 19544، وابن ماجة في (الأدب) باب بر الوالدين برقم 3658.
[5] رواه البخاري في (الأدب) باب من أحق الناس بحسن الصحبة برقم 5971، ومسلم في (البر والصلة والآداب ) باب بر الوالدين برقم 2548. نشر في مجلة (التوعية الإسلامية في الحج ) العدد الحادي عشر عام 1400ه - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء السادس عشر