تفسير قوله تعالى الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى

يسأل عن تفسير قول الحق -تبارك وتعالى-: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]. بعض الناس يقولون: إن الله -سبحانه وتعالى- موجود في أي مكان بذاته، وإذا كان الكلام كذلك فما هو دليل الآية القرآنية؟

الإجابة

الآية الكريمة معناها واضح عند أهل السنة والجماعة، وقد أخبر الله سبحانه في ثلاثة مواضع من القرآن أنه استوى على العرش، منها هذه الآية، ومنها قوله سبحانه في سورة الأعراف وفي سورة يونس: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [(3) سورة يونس]. ومعنى استوى ارتفع وعلا، وهو استواء يليق بجلال الله، لا يشابه خلقه في استوائهم، لا يشابه خلقه في استوائهم على الدابة أو على السفينة أو السيارة أو الطائرة لا، استواء يليق به، لا يماثل خلقه سبحانه وتعالى، كما قال جل وعلا: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [(11) سورة الشورى]. وقال سبحانه: وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ [(4) سورة الإخلاص]. وقال عز وجل: فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ [(74) سورة النحل]. والله -جل وعلا- فوق العرش، ومن قال إنه في كل مكان فقد غلط وضل عن سواء السبيل، وهو كافر عند جمع من أهل العلم من أهل السنة والجماعة؛ لأن الله فوق العرش، وعلمه في كل مكان -سبحانه وتعالى-، فالقول إنه في كل مكان من قول أهل البدع والضلال والإلحاد، أما أهل السنة والجماعة فيقولون إنه فوق العرش قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته وعلمه في كل مكان لا يخفى عليه خافية -سبحانه وتعالى-، والعرش هو سقف المخلوقات وأعلاها، والله فوقه -سبحانه وتعالى-، يعلم أحوال عباده لا تخفى عليه خافية -جل وعلا-. فالواجب على كل مسلم أن يعتقد ذلك، وأن يؤمن بذلك، على الوجه اللائق بالله-سبحانه وتعالى-، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل؛ كما قال ربنا -عز وجل-: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [(11) سورة الشورى]. -سبحانه وتعالى-. هذا قول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأتباعهم بإحسان.