ما حكم إقامة الجمعة والجماعة في أكثر من مسجد؟

السؤال: لدينا مسجد صغير يسع لحوالي 30-40 مصلي، وهو تحت بيت، ولا تقام فيه صلاة الجمعة، ولكن أقيم مسجد كبير بجواره ولكنه لا تقام فيه الجمعة أيضاً، ولكن هو لم يكمل بناؤه بعد، ولكننا قمنا بعمل سور على الأرض لأننا لم نحصل على ترخيص للبناء بعد، وتم عمل السقف بالجريد ولم نشرع حتى الآن فى جمع التبرعات، وبعضنا يصلي في هذا والبعض يصلون فى ذاك، هناك مسألتين: . أما الأولى: أن إخواننا فى المسجد الكبير يقومون بتشغيل مكبر الصوت الخارجي مما يشوش علينا فى الصلاة فما الحكم فى ذلك؟ . أما الثانية: أنهم يقولون أن الصلاة فى هذا المسجد (الصغير) لا تجوز لوجود مسجد كبير جامع، ويطلبون منا غلق المسجد ونصلي معهم مع العلم أنه قد يتعذر على كبار السن الوصول إليه فى الشتاء؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله رب العالمين رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن الشرع قد حرص على أن تكون صلاة المسلم كاملة الخشوع والخضوع بعيدة عما يلهي عن الصلاة من التشويش المفضي إلى ترك الخشوع فللشيطان غرض قوي في التشويش على المصلي.

فعن أبي سعيد قال: "اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: "ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة" أو قال: "في الصلاة" (رواه أبو داود وروى عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وَقَالَ: "إِنَّ فِى الصَّلاَةِ لَشُغْلاً".

فالحديث فيه دليل المنع أن يشغل بعض المصلين بعضاً عن الصلاة بالصلاة أو بالقراءة؛ قال الباجي في المنتقى: "ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن، لأن في ذلك إيذاء بعضهم لبعضهم، ومنعاً من الإقبال على الصلاة وتفريغ السر لها وتأمل ما يناجي به ربه من القرآن".

. وعليه: فالواجب على المصلين ألا يشوش بعضهم على بعض بالقراءة حتى يتعرضوا لعقاب الله تعالى من جراء أذيّة المسلمين والتشويش عليهم.

. أما تعدد المساجد وكثرتها فلا حرج به إذا دعت الحاجة إلى الصلاة في أكثر من مسجد، مثل ما إذا ضاق المسجد على المصلين أو كان بين سكان البلد خصومة أو عداوة ينشأ معها عند الاجتماع في مسجد واحد ما لا تحمد عقباه، أو كان يشق على بعض المصلين أداء الصلاة، ففي هذه الحالات وأمثالها يجوز تعدد مساجد الجمعة والجماعات؛ دفعاً للمشقة والحرج، قال الله تعالى في سورة الحج: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، وقال: ولكن لا يشرع التقارب الكثير، بل لا بد أن يكون بين المسجدين مسافة معقولة حتى لا يكون هناك مضارة.

. قال الشيخ زكريا الأنصاري شرح البهجة الوردية: "والظاهر أن من الحاجة ضيق محل واحد عن الجميع، فلو تعددت المساجد، ولم يكن فيها ما يسع الجميع، فالظاهر أنه لا كراهة من حيث التعدد للحاجة".



من فتاوى زوّار موقع طريق الإسلام.