دعاء الجن عند المطر أو الرعد أو البرق

يدور حولنا أن عندنا في شمال اليمن بعض الناس وهم ليس بقلة يدعون بالجن حينما يكون هناك أمطار أو رعد أو برق، أو في وقت غير مناسب، مثل أن يكون أحدهم متخاصماً مع شخص آخر، فلذلك يبدأ بدعائه بالجن، وما إلى ذلك، ويعتقد البعض أن هذا الدعاء.... أو يضر به نفسه، لذا نرجو من فضيلتكم إفادتنا حسب ما جاء في القرآن وما جاءت به الشريعة الإسلامية وما هي صحة هذه الأقوال، وهل هي صحيحه أم مجرد عادات جرى عليها بعض الناس عن جهل أو قلة معرفة من الدين؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: الدعاء والاستعانة والتعوذ يكون بالله وحده ، لا بالناس ولا بالجن ، ولا بالملائكة ، ولا بالأنبياء ، التعوذ بالله، والاستعانة بالله، والدعاء لله ، كله لله وحده - سبحانه وتعالى -؛ كما قال - جل وعلا- : فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [(18) سورة الجن]. وقال: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [(1) سورة الفلق]. قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [(1) سورة الناس]. فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ [(200) سورة الأعراف]. وقال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [(5) سورة الفاتحة]. فلا يجوز لأحد أن يستعين بالجن ، ولا أن يدعوهم، ولا أن يستغيث بهم، كأن يقول يا كذا أو كذا أغثني أو انصرني من الجن ، أو من الأموات ، أو من الأنبياء، أو من الملائكة كل هذا لا يجوز ، والله ذم من فعل ذلك فقال: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا [(6) سورة الجن]. أي زادوهم طغياناً وضلالاً، أو زادوهم شراً إلى شرهم بسبب دعائهم إياهم. فالمقصود أنَّ الدعاء والاستعاذة والاستغاثة والاستعانة كلها بالله وحده ، فلا يجوز أن يستعان بالجن، ولا أن يستعاذ بهم ، ولا أن يدعوا مع الله كأن يقول: يا جن خذوه، أو يا شيطان فلان يسميه افعل كذا وافعل كذا، أو انصرني على كذا، أو أعني على كذا، أو عاوني على كذا ، كل هذا ما يجوز ، ..... من الشرك الأكبر ، كذلك ما يفعله الجُهال عند الأموات يقول: يا سيدي البدوي افعل كذا ، يا سيد البدوي ، يا سيدي الحسين أنا في جوارك ، أنا في حسبك ، انصرني، أو ارحمني، أو اشفي مريضي ، كل هذا من الشرك الأكبر ، وهكذا لو قال لغير هؤلاء كأن يقول : يا رسول الله انصرني ، أو يا رسول الله اشف مريضي ، أو يا رسول الله أغثني كل هذا من الشرك الأكبر لأن الميت إذا مات انقطع عمله، فليس له تصرف ، لا الأنبياء ولا غيرهم، فلا يجوز دعاء الأنبياء ولا الاستغاثة بهم ولا النذر لهم، ولا الذبح لهم ، بل هذا من أعمال الجاهلية ومن الشرك بالله - سبحانه وتعالى- ، فالواجب على جميع المسلمين، وعلى من يرغب في الإسلام أن يحذر هذه الأمور، وأن يتباعد عنها، وأن يخلص لله العبادة، وهذا هو معنى: "لا إله إلا الله"، فإن معناها: لا معبود بحقٍ إلا الله. فالله الذي يدعى ويرجى ويستعان به ويستغاث به ويتقرب إليه بالنذور والذبائح لا غيره، فالذين يتقربون بالذبائح أو بالنذور للأموات، أو للجن، أو للملائكة، أو يستعينون بهم، أو يسألونهم قضاء الحاجات، أو تفريج الكروب، أو النصر على الأعداء، أو شفاء المرضى كله شرك بالله سواء مع الجن أو مع الأموات كالبدوي وغيره أو مع الملائكة أو مع الرسل وأفضلهم الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم- كل هذا لا يجوز، بل يدعو ربه وحده، يا ربي هب لي كذا ، يا رب انصرني ، يا رب اشف مريضي ، يا رب أغثني ، يا رب أعطني ، يسأل ربه - جل وعلا-: فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [(18) سورة الجن]. قال جل وعلا: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [(60) سورة غافر]. وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [(186) سورة البقرة]. فلا يدعى إلا الله ، ولا يستغاث إلا به - سبحانه وتعالى- ، فهذه الأمور نشأ عليها بعض الناس، واعتادوها تبعاً لأسلافهم، وقد غلطوا في ذلك، والله - سبحانه وتعالى- بعث نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم- يُبين للناس أن العبادة حق الله ، وأنه لا يدعى مع الله أحد -سبحانه وتعالى - ، فالواجب على العاقل أن ينتبه لهذا الأمر ، وأن ينصح من ابتلي بهذا الشيء، وأن يذكرهم بأن هذا منكر وشرك، ومن أعمال الجاهلية - والله المستعان-.