الإجابة:
الحمد لله، هذا الإنكار ليس في محله، وهذه التقدمة تُشعر بأن السؤال
مما يستحيا منه، فهو كالاعتذار عن التقدم بهذا السؤال، وقد قدَّمت أم
سليم بسؤالها عن حكم احتلام المرأة بقولها: {إن الله لا يستحي من الحق}، فلو استعيض
عن قول القائل: "لا حياء في الدين" بما قدمت به أم سليم لكان أولى،
ولعل الحامل لهذا المنكر هو أن قول القائل: "لا حياء في الدين"، لفظ
مجمل يحتمل حقاً وباطلاً، ولكن المعلوم من قصد القائل أنه لا يُشرع
الحياء في معرفة الدين، ولا ينبغي أن يكون مانعاً من السؤال عما يحتاج
إليه الإنسان في دينه إذ لا حرج عليه في ذلك.
وأما الاحتمال الآخر فهو بعيد، وهو اتهامه أنه يقصد أن الحياء ليس من
الدين، فهذا ليس صحيحاً، بل الحياء شعبة من الإيمان، لكن الذي يقدم
لسؤاله بقوله: "لا حياء في الدين"، لا يريد نفي كون الحياء من شعب
الإيمان، بل يريد أن الحياء لا يمنع من السؤال عما يستحيا من ذكره إذا
كان يتعلق بالدين، فإن المسلم مأمور بمعرفة دينه والسؤال عنه، فيسأل
عما يحتاج إليه إما بنفسه أو بغيره؛ إذا كان لا يتيسر له ذلك بسبب
الحياء، كما فعل علي رضي الله عنه قال: "كنت رجلاً مذاءً فكنت أستحي
أن أسال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني"، فأمرت
المقداد بن الأسود فسأله فقال عليه الصلاة والسلام: "توضأ واغسل ذكرك" (رواه البخاري: 269،
ومسلم: 303)، وفي لفظ لمسلم: "توضأ وانضح
فرجك"، وقالت عائشة رضي الله عنها: "نِعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء
أن تتفقهن في الدين" (رواه مسلم: 332)، والخلاصة أنه لا وجه
لما كان من الإنكار مع وضوح مقصود السائل، والله أعلم.