السفر إلى بلاد الغرب من أجل السياحة

السؤال: من سافر إلى بلاد الغرب سياحة مع الالتزام بتعاليم الشرع يعد عاصيا؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله، السفر إلى بلاد الغرب هو السفر إلى بلاد الكفار شرقا أو غربا، وبلاد الكفار فيها كل المنكرات ظاهرة، وأنواع الكفر، والسفر إليها طريق لمشاهدة هذه المنكرات التي أعظمها الشرك بالله والكفر بآياته، وكل ذلك من الزور الذي قال الله فيه: {والذين لا يشهدون الزور}، ومن الأمور المقررة في الشرع أن الأماكن التي يظهر فيها المنكر لا يجوز غشيانها إلا لمن يقدر على الإنكار، أو لما لا بد منه، هذا في بلاد المسلمين، فكيف بالسفر إلى البلاد التي هي أصل الشر، وفيها من المغريات بمشاهدة الباطل وحضوره ما لا يقدر على دفعه إلا ذوو الإيمان الكامل والتقوى، ولذا أفتى العلماء بتحريم السفر إلى بلاد الكفار إلا لغرض شرعي أو ضرورة، والسياحة ليست منها، ومن المعلوم أن أكثر السائحين يضيعون في تلك البلاد، قاصدين لذلك أو يجرهم الواقع، ومن يزعم أنه يسافر للسياحة وأنه يلتزم بالأحكام الشرعية إن يظن إلا ظنا، وأقل ما يحصل له -ولا انفكاك له منه- مشاهدة المنكر الذي لا يستطيع إنكاره في ذهابه ومجيئه وفي الأسواق، ولا يأمن أن تدعوه نفسه إلى زيارة أماكن يكون المنكر فيها أكثر وأظهر؛ من حدائق وأسواق بدعوى الاستطلاع وقضاء الحاجات، ولفقه علمائنا المعاصرين بمقتضيات أصول الشريعة ولمعرفتهم بالواقع أفتوا بحرمة السفر إلى بلاد الكفر من أجل السياحة، لما يترتب على ذلك من المفاسد في الدين والأخلاق من غير ضرورة، فممن أفتى بذلك شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز (كما في مجموع الفتاوى له 4-192، 195) والشيخ محمد بن عثيمين (كما في مجموع الفتاوى 6-131، وشرح رياض الصالحين 1-23) رحم الله الجميع، وكلامهم في هذا كثير.

ومما يؤكد ما ذهبوا إليه أن البلاد التي يقصدها الناس للسياحة في الغالب هي دول الغرب لما فيها من مظاهر الحضارة، ولا ريب أن فيها من أسباب الفتنة والإعجاب بالكفار وما هم عليه ما ضل به كثير من الناس ممن يسمع بهم فضلا عمن قدم إلى تلك البلاد وعاش بين ظهرانيهم زمانا، ومعلوم أن تلك الدول تجند قواتها للتأثير على أولئك السائحين من المسلمين لصدهم عن دينهم وإفساد أخلاقهم، وإغرائهم بالسياحة إلى بلادهم، يؤيد ذلك قوله تعالى: {ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء} وقوله سبحانه: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعدما تبين لهم الحق} وقوله تعالى: {ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما}، هذا؛ وإن العاقل لا يخاطر بنفسه ولا بأهله في سبيل شهوة يهواها، والسلامة لا يعدلها شيء، وأغلى ما على المرء المسلم سلامة دينه، نسأل الله أن يعصمنا من مظلات الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وصلى الله وسلم على محمد.

2010-05-09

المصدر: موقع الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك