شرح الأثر (ادرؤا الحدود بالشبهات)

في مسند أبي حنيفة للحارث حديث رواه عبد الله بن عباس عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ادرءوا الحدود بالشبهات)، أرجو أن تتفضلوا بشرح هذا الحديث، جزاكم الله خيراً.

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد جاء في هذا الباب عدة أحاديث في أسانيدها مقال، لكن يشد بعضها بعضاً، منها الحديث الذي ذكر السائل: (ادرءوا الحدود بالشبهات)، وفي لفظ: (ادفعوا الحدود ما استطعتم)، والمعنى أن الواجب على ولاة الأمور من القضاة والعلماء والأمراء أن يدرءوا الحدود بالشبهة التي توجب الشك في ثبوت الحد، فإذا لم يثبت عند الحاكم الحد ثبوتاً واضحاً لا شبهة فيه فإنه لا يقيمه، ويكتفي بما يردعه على الجريمة بأنواع التعزير، ولا يقام الحد الواجب كالرجم في حق الزاني المحصن، وكالجلد مائة جلدة وتغريب عام في حق الزاني البكر، وكقطع اليد في حد السرقة، لا يقام إلا بعد ثبوت ذلك ثبوتاً لا شبهة فيه، ولا شك فيه، بشاهدين عدلين لا شبهة فيهما فيما يتعلق بالسرقة، وفي أربعة شهود عدول فيما يتعلق في حد الزنا، وهكذا بقية الحدود، فالواجب على ولاة الأمر أن يعتنوا بذلك وأن يدرءوا الحد بالشبهة التي توجب الريبة والشك في ثبوته، ومن ذلك إذا ادعى من يطلب إقامة الحد عليه الإكراه، وأن المرأة ادعت أنها أكرهت على الزنا وأنها ليست مختارة أكرهها الزاني وظلمها فإن هذه شبهة، يدرأ بها الحد، وهكذا إذا ادعى شارب المسكر ما يوجب الشبهة في إقامة الحد عليه وما أشبه ذلك، القاضي ينظر ويتأمل فإذا زالت الشبهة أقام الحد، وإذا قويت الشبهة وصار لها وجه درأ الحد بها.