أسئلة حول الذكر بعد الصلاة

السؤال: أسئلة حول الذكر بعد الصلاة

الإجابة

الإجابة: من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم ... حفظه الله تعالى، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
كتابكم وصل، وما تضمنه من الأسئلة فهذا جوابها:

ج1/ حديث: "اللهم أعني على ذكرك..." إلخ لا أعلم فيه رواية بتكرار (على) والمحافظة على لفظ الحديث أولى.

ج2/ لا أعلم أني قلت إن الدعاء بعد الفريضة بدعة، هكذا على الإطلاق، ولكني أقول إن المحافظة على الدعاء بعد الفريضة والنافلة كلتيهما ليس بسنة بل هو بدعة؛ لأن المحافظة عليه يلحقه بالسنة الراتبة سواء كان قبل الأذكار الواردة بعد الصلاة أم بعدها.

وأما فعله أحياناً فأرجو أن لا يكون به بأس، وإن كان الأولى تركه؛ لأن الله تعالى لم يشرع بعد الصلاة سوى الذكر لقوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ}، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرشد إلى الدعاء بعد الصلاة، وإنما أرشد إلى الدعاء بعد التشهد قبل التسليم، وكما أن هذا هو المسموع أثراً فهو الأليق نظراً، لكون المصلي يدعو ربه حين مناجاته له في الصلاة قبل الانصراف.

فأما ما ذكرتم من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الدعاء أسمع؟ قال: "جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات".
فقد أعله ابن معين بأنه من رواية عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامه ولم يسمع منه، وعلى تقدير سلامته من العلة، فالمراد بدبر الصلوات: أخرها قبل التسليم، وهذا وإن كان خلاف المتبادر، لكن يؤيده أن الله جعل ما بعد انتهاء الصلاة ذكراً، والنبي صلى الله عليه وسلم جعل ما بين التشهد والتسليم دعاء.

وأما حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول إذا صلى الصبح حين يسلم: "اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملاً متقبلاً" ففيه مولى أم سلمة وهو مجهول، وحديث المجهول غير مقبول حتى تعلم حاله.

وأما سؤالكم عن دبر الصلاة هل هو بعدها أو قبل السلام؟
فدبر الصلاة يطلق على آخرها قبل السلام، وعلى ما بعد السلام، لكن حسب التتبع يتبين أن ما قيد بدبر الصلاة إن كان دعاء فهو قبل السلام وإن كان ذكراً فهو بعد السلام، بناء على ما سبق من الآية والحديث.
وهذه قاعدة مفيدة.

وأما حديث فضالة بن عبيد فذاك في التشهد في الصلاة، وليس بعد الفراغ منها كما يفيده سياقه في مشكاة المصابيح 1/293 قال: "بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً إذ دخل رجل فصلى، فقال: (اللهم اغفر لي وارحمني)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عجلت أيها المصلي، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله وصل عليّ ثم ادعه"، فالمراد بالقعود والله أعلم القعود للتشهد، ثم اطلعت عليه في زاد المعاد كذلك، مع احتمال أن يكون المراد بالصلاة هنا معناها اللغوي، فإنها قد تأتي في السنة مراداً بها ذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائماً فليصل وإن كان مفطراً فليطعم"، فإن المراد بالصلاة هنا الدعاء كما في قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أي ادع لهم بذلك.

وأما سلام المصلي بعد السلام على من حوله ممن مر بهم فهذا دعاء له سبب ولا إشكال في جوازه لوجود سببه، ومن ذلك ما ثبت في صحيح البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قصة وضع المشركين سلا الجزور وهو ساجد عند الكعبة قال: "فلما قضى صلاته رفع صوته فدعا عليهم"، هكذا في مسلم: "رفع صوته"، فهذا له سبب وذلك من أجل إرهاب قريش.

ولا شك أن الدعاء من العبادة وأنه مشروع كل وقت لكن يجب أن يعرف الفرق بين العموم والخصوص، فتقييد العام بشيء معين من زمان، أو مكان، أو حال، أو عمل يحتاج إلى دليل، فإذا قلنا يسن الدعاء بعد الصلاة؛ لأن الدعاء مشروع كل وقت، قلنا: يحتاج في تقييده بعد الصلاة إلى دليل.

ولو قال قائل: يسن للآكل إذا فرغ من أكله أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لأن الصلاة عليه مشروعة كل وقت، قلنا: هذا يحتاج إلى دليل.
ولو قال قائل: يسن لمن فرغ من قضاء حاجته أن يذكر الله تعالى بالتهليل، والتسبيح؛ لأنه مشروع كل وقت. قلنا: تقييده بذلك يحتاج إلى دليل، وهلم جرا. فافهم هذه القاعدة فإنها مفيدة جداً.

وفقنا الله وإياكم لمرضاته، وجعلنا هداة مهتدين.



مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين - المجلد الثالث عشر - كتاب ؟؟؟؟؟؟؟