فصل في حكم سماع المكاء والتصدية

السؤال: فصل في حكم سماع المكاء والتصدية

الإجابة

الإجابة: فصل:

وأما سماع المكاء والتصدية‏:‏ وهو الاجتماع لسماع القصائد الربانية، سواء كان بكف، أو بقضيب، أو بدف، أو كان مع ذلك شبابة، فهذا لم يفعله أحد من الصحابة، لا من أهل الصفة ولا من غيرهم؛ بل ولا من التابعين، بل القرون المفضلة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"‏خير القرون الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم‏"‏‏ لم يكن فيهم أحد يجتمع على هذا السماع، لا في الحجاز ولا في الشام ولا في اليمن، ولا العراق ولا مصر، ولا خراسان ولا المغرب‏.

‏‏ وإنما كان السماع الذي يجتمعون عليه سماع القرآن، وهو الذي كان الصحابة من أهل الصفة وغيرهم يجتمعون عليه، فكان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعوا أمروا واحداً منهم يقرأ، والباقي يستمعون، وقد روى ‏أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أهل الصفة وفيهم قارئ يقرأ فجلس معهم‏‏ وكان عمر بن الخطاب يقول لأبي موسى‏:‏ يا أبا موسى، ذكرنا ربنا، فيقرأ وهم يستمعون‏.‏ وكان وجدهم على ذلك، وكذلك إرادة قلوبهم وكل من نقل أنهم كان لهم حاد ينشد القصائد الربانية بصلاح القلوب، أو أنهم لما أنشد بعض القصائد تواجدوا على ذلك‏.‏

أو أنهم مزقوا ثيابهم، أو أن قائلاً أنشدهم‏:‏

قد لسعت حية الهوى كبدي**فلا طبيب لها ولا راقي

إلا الطبيب الذي شغفت به**فعنده رقيتي وترياقي

أو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال‏:‏ ‏"‏إن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم‏" أنشدوا شعرا وتواجدوا عليه، فكل هذا وأمثاله إفك مفترى، وكذب مختلق باتفاق أهل الاتفاق من أهل العلم والإيمان، لا ينازع في ذلك إلا جاهل ضال، وإن كان قد ذكر في بعض الكتب شيء من ذلك فكله كذب باتفاق أهل العلم والإيمان.



مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الحادي عشر.