هل أنذر الرسل أقوامهم من الدجال بعينه أم بجنس فتنته؟

السؤال: ما رأي فضيلتكم في قول بعض أهل العلم: إن الرسل الذين أنذروا أقوامهم الدجال لم ينذروهم بعينه وإنما أنذروهم بجنس فتنته؟

الإجابة

الإجابة: هذا القول الضعيف، بل هو نوع من التحريف، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه ما من نبي إلا أنذر به قومه بعينه، كما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب"، وسبق لنا بيان الحكمة من إنذار الرسل به، ولكن يجب علينا أن نعلم أن جنس هذه الفتنة موجود حتى في غير هذا الرجل، يوجد من بني آدم الآن من يضل الناس بحاله ومقاله وبكل ما يستطيع، وتجد أن الله سبحانه وتعالى بحكمته أعطاه بياناً وفصاحة: {ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة}، فعلى المرء إذا سمع مثل هذه الفتن التي تكون لأهل البدع من أناس يبتدعون في العقائد، وأناس يبتدعون في السلوك وغير ذلك، يجب عليه أن يعرض هذه البدع على الكتاب والسنة وأن يَحْذَرَ ويُحَذِّرَ منها، وأن لا يغتر بما تكسى به من زخارف القول، فإن هذه الزخارف كما قيل فيها:
حجج تهافت كالزجاج تخالها *** حقاً وكل كاسر مكسور
فالدجال المعين لا شك أن فتنته أعظم شيء يكون، لكن هناك دجاجلة يدجلون على الناس ويموهون عليهم، فيجب الحذر منهم، ومعرفة إراداتهم ونياتهم، ولهذا قال الله تعالى في المنافقين: {هم العدو فاحذرهم}، مع أنه قال: {وإن يقولوا تسمع لقولهم} يعني بيانه، وفصاحته، وعظمه، يجرك جرّاً إلى أن تسمع، لكن كأنهم خشب مسندة حتى الخشب ما هي قائمة بنفسها، مسندة تقوم على الجدار فهي لا خير فيها.

فهؤلاء الذين يزينون للناس بأساليب القول سواء في العقيدة، أو في السلوك، أو في المنهج يجب الحذر منهم، وأن تعرض أقوالهم، وأفعالهم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فما خالفهما فهو باطل مهما كان، ولا تقولنَّ: إن هؤلاء القوم أعطوا فصاحة وبياناً لينصروا الحق، فإن الله تعالى قد يبتلي فيعطي الإنسان فصاحة وبياناً وإن كان على باطل كما ابتلى الله الناس بالدجال وهو على باطل بلا شك.



مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الحادي عشر - باب اليوم الآخر.