دعاء الميت ليشفي المريض

عندنا في بعض المناطق الريفية أناس يعتقدون في الأولياء حسب قولهم، فإذا مرض أي واحدٍ منهم يقطعون من أذن الماعز أو الضأن ويقولون: يا فلان! أي يدعون الميت أن يشفي هذا المريض، ويذبحون الذبائح، ويطلبون أحد القراء يقرأ لهم المولد بعد أكل هذه الذبائح، وبعضهم يذبحون في المقابر، وبعضهم في بيوتهم، من أجل هذا الولي الميت بقولهم: أحي المريض، وقد التقيت ببعض هؤلاء الناس وعرفتهم أن هذا العمل غير جائز وأن الله هو الضار والنافع، وأنه هو المحيي والمميت وهو على كل شيء قدير، فما حكم هؤلاء في هذا الاعتقاد، وما حكم الذين يقرؤون لهم الموالد، وما حكم من أكل من هذه الذبائح؟

الإجابة

هذا عمل خطير وجرم عظيم نسأل الله السلامة, فإن الذبح للموتى, والذبح لأصحاب القبور وما يسمونهم بالأولياء الذبح لهم, والتقرب إليهم بالدعاء وطلب المدد كله من الشرك الأكبر, فالذي يذبح لأصحاب القبور, وما يسمونهم بالأولياء كالبدوي, والشيخ عبد القادر, والحسين, وما أشبه ذلك يطلبونهم المدد, ويطلبونهم العون, ويطلبونهم شفاء المرضى هذا كله شرك أكبر كله من عمل الجاهلية الأولى، من عمل قريش وأشباههم في الجاهلية هذا شرك أكبر، والذبيحة ميتة لا يجوز أكلها, ولا يجوز إقرارهم عليها بل يجب تنبيههم, وإنذراهم ,وتعليمهم أن هذا منكر وأن هذا شرك أكبر؛ لأن الله-سبحانه وتعالى-يقول: فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً(الجن: من الآية18)، ويقول-جل وعلا-: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ(الأنعام: من الآية163)، والنسك الذبح، فكما أن الصلاة لله، فهكذا النسك والذبح لله، وقال- سبحانه-: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ(الكوثر:2)، فالنحر لله, والصلاة لله، فالذبح للأصنام, أو للأشجار, أو لأصحاب القبور لطلب المدد منهم, أو شفاء المرضى, أو ما أشبه ذلك هذا كله شرك أكبر لا من جهة الدعاء ,ولا من جهة الذبح, فالذي يذبح لهم كالذي يصلي لهم نسأل الله العافية, والميتة تكون حراماً الميتة الذبيحة تكون ميتة وحراما لا يجوز أكلها، أما مجرد إقامة المولد فهذا بدعة، إذا كان مجرد إقامة مولد الاحتفال بالموالد هذا من البدع المنكرة والرسول- عليه الصلاة والسلام- يقول: (من عمل ليس عليه أمرنا فهو رد)، ويقول-عليه الصلاة والسلام-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، فالاحتفال بالموالد بدعة ومردودة على من أحدثها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم -لم يفعل المولد ولا أصحابه لا خلفاؤه الراشدون, ولا غيرهم من الصحابة, ولا التابعون لهم بإحسان, والقرون المفضلة هذا شيء لا أصل له في الشرع, والواجب على أهل الإسلام تركه؛ لأن الخير في إتباع الرسول-صلى الله عليه وسلم -وإتباع أصحابه، والشر في خلاف ذلك، قال-تعالى-: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ(الشورى: من الآية21) ما لم يأذن به الله، وقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)، وإذا كان في المولد دعاء الميت ودعاء النبي-صلى الله عليه وسلم-والاستغاثة بالنبي-صلى الله عليه وسلم - كان شركاً أكبر، أما مجرد الاحتفال بالمولد وأكل الطعام والاجتماع على القصائد هذا بدعة منكر لا يجوز، فإذا كان فيه ذبح لغير الله, أو دعاء لغير الله كدعاء النبي, والاستغاثة بالنبي, وطلبه المدد, أو النصر, أو شفاء المرضى صار شركاً أكبر يعني صار هذا الدعاء شركا أكبر، صار المولد فيه بدعة وفيه شرك، فيجمع المولد حينئذ البدعة والشرك إذا كان فيه دعاء لغير الله, والاستغاثة بغير الله سواء كان في مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره مثل الموالد الأخرى مولد البدوي, أو مولد الشيخ عبد القادر، أو مولد الحسين، أو فاطمة, أو غير ذلك، كل هذه الموالد مبتدعة لا يجوز فعلها؛ لأن هذه محدثات في الدين لكن إذا كان فيها دعاء غير الله, أو أطلب المدد من غير الله, أو شفاء المرضى صار ذلك الدعاء وطلب المدد شركاً مع البدعة جميعاً نسأل الله السلامة، نسأل الله لنا ولهم الهداية. كذلك القراءة للموتى كونه يطلب قراء يقرؤون للموتى هذا أيضاً لا يجوز بدعة على الصحيح، وإنما يقرأ القاري لنفسه، ذهب بعض أهل العلم إلا أنه يجوز أن يثوب القراءة لغيره؛ لكن الصحيح أنه لا يجوز ذلك، ثم كونه استأجر هذا لا وجه له؛ لأنه لو استأجر ما له ثواب، لأنه ما قرأ إلا من أجل الأجرة فأي ثواب له وهو يقرأ من أجل الأجرة فقراءة القرآن للموتى بالأجرة هذا شيء لا أصل له، قال بعضهم أنه بغير نزاع لا يجوز.