حكم الزواج بإخفاء مواصفات الخاطب عن الأهل

السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما الحكم الشرعي لفتاة تعرفت إلى رجلٍ متزوج، عن طريق (الإنترنت) وتود الزواج منه، لكنها -لضمان موافقة الأهل- ستقوم بإخفاء زواجه عنهم؛ لأنهم لن يقبلوا مطلقاً بزواجهما إن علموا بزواجه الأول؛ هل ذلك جائز، طالما أنها ستخفي أمراً ليس مُحَرَّماً بذاته، وليس عيباً شرعياً بالرجل، وستترك لأهلها الحكم عليه في بقية الجوانب مثل: الخلق والدين والعلم والوضع المادي والاجتماعي وكل شيء عدا زواجه السابق؟ قال أحدهم إنه لا شيء في ذلك طالما أنه كفء؛ لأن الكفء يُزَوَّج بأمر القاضي ولو لم يوافق الأهل، فهل ذلك صحيح؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

أمَّا الزواج عن طريق الانترنت فمحفوف بالمخاطر؛ فالواجب على أهل الدين والورع الابتعاد عن التعارف وعن المحادثات الْمُحَرَّمة بين الرجال والنساء، التي هي في الحقيقة أوكار لاصطياد الفتيات، وتضليل المغفلين والمغفلات، واللعبِ على عقولهم، وجرِّهم إلى الفساد والرذيلة؛ فلا يليق بمن لديه حرص على دينه وعِرْضِهِ أن يَدْخُلَهَا؛ سدًّا للذريعة المفضية إلى ما لا تحمد عقباه؛ إذ قد يكون الرجلُ صادقًا في الزواج، لكن المرأة تكذب، أو تكون المرأةُ صادقةً في طلب العفاف، لكن الرجل يكون محتالاً، وهكذا.

وعموماً فقد عَلَّمَنَا الرسول صلى الله عليه وسلم أن المعيار الصحيح في قبول أو رفض المتقدم للزواج من المرأة هو الدين والخلق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنحكوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"؛ قالوا يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" ثلاث مرات (رواه الترمذي عن أبي حاتم المزني).

هذا وكون الرجل عزبًا -ليس متزوجًا- ليس من شروط عقد النكاح، كما أن كونه متزوجاً ليس من العيوب التي يرد بها الزوج.

ولكن ننصحك بالتريث والتفكير الجيد من جميع الجهات في موضوع إخفاء زواجه عن أهلك، وألا تنجرفي خلف العواطف وحدها؛ فقد يكون الأهل مُحِقِّين في رأيهم، وقد يكون عندهم مبررات وجيهة في رفضهم زواجك برجل متزوج، وأيضاً مما ينبغي لك أن تعلميه أن أسرتك ستعرف يومًا ما -ولا محالة- بأمر زواجه ويومها قد يحدث ما لا تُحْمَد عُقْبَاهُ من قطيعة رحم وغير ذلك، هذا فضلاً عن تَوَقُّع كثير من المشاكل التي تنبني على تعدد الزوجات مما قد يَجُرُّ هذا الرجل إلى التضحية بِكِ، نظير الإبقاء على زواجه الأول من باب الْمُفاضَلة بين المصالح عنده، بالحفاظ على كيان بيته وأسرته وأولاده القائمة قبل الارتباط بك، وهذا مُتَوَقَّع في حق كثير ممن يُعَدِّدُون الزَّوْجَات في هذه الأيام، والأمان في حياتك المستقبلة من هذه الجهة لا يَحْصُلُ إلا بالصراحة والوضوح، بينك وبين أهلك؛ فهم أولى الناس بك في كل الأحوال، ولن يذوق مرارة ما قد تعانيه فيما بعد أحد أشد مما يذوقه أهلك.

ومع هذا فإننا نرى والله أعلم أن تلك المسألة أكبر من يجاب عليها في فتوى، أو يُكْتَفَى فيها بسؤال؛ لأنها تنبني على الخبرة ومعرفة الناس وسبر أحوالهم، وليس على مجرد الميل النفسي وحسن الظن، فلو قمتِ بمشاورة أحد الكبار في أسرتك ممن يعرف طبيعة الأسرة؛ ليشير عليك في ذلك الأمر الجلل الذي سماه الله تعالى ميثاقاً غليظاً لكان أولى،، والله أعلم.



موقع الألوكة