معنى مائلات مميلات

تسأل عن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (مائلات مميلات)؟

الإجابة

هذا حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما: رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنة المكث المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها). الحديث.. وهذا وعيد عظيم يجب الحذر مما دل عليه، فالرجال الذين بأيديهم سياط هم من يتولى ضرب الناس بغير حق من شرطة أو رجال آخرين غيرهم. كل من يتولى ضرب الناس بغير حق هو داخل في هذا الحديث سواء كان بأمر الدولة أو بغير أمر الدولة؛ لأن الدولة إنما تطاع في المعروف يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الطاعة في المعروف). (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق). وأما قوله -صلى الله عليه وسلم -: (نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات). فقد فسر ذلك أهل العلم بأن معنى قوله : (كاسيات) يعني من نعم الله (عاريات) من شكرها لم يقمن بطاعة الله، بل يصرون على المعاصي والسيئات مع إنعام الله عليهن بالمال وغيره. وفسر أيضاً بمعنىً آخر وهو أن معنى (كاسيات) يعني كسوة نسبية لا حقيقة لها يعني أنها كسوة لا يحصل بها المقصود، ولهذا قال: (عاريات) فهناك كسوة لكنها لا قيمة لها ولا نفع لها إما لقصرها وإما لرقتها رقيقة ترى منها العورات أو قصيرة تبدوا منها الأرجل أو غيرها من الأيدي والصدور ونحو ذلك. فالحاصل أنها كسوة لا يحصل بها المقصود، ولهذا سميت عارية لعدم وجود كفاية في الكسوة بل هي كسوة رقيقة مبدية للعورات أو قصيرة لم تستر بدنها كله. (مائلات) يعني في العفة والاستقامة يعني عندهن معاصي وسيئات، ولهذا قيل إنهن (مائلات) يعني العفة كالتي تتعاطى الفاحشة أو عند أداء الفرائض في الصلوات غيرها (مميلات) المعنى مميلات لغيرهن يعني أنه يدعين إلى الشر والفساد فهن بأفعالهن وأقوالهن يُملن غيرهن إلى الفساد والمعاصي وتعدي الفواحش لعدم إيمانهن أو لضعف إيمانهن وقلة إيمانهن، ومقصود النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك التحذير. المقصود من هذا العمل السيء، والتحذير من اتخاذ هؤلاء الموصوفات والصديقات أو الجليسات بل يجب تحذيرهن والإنكار عليهن وأن لا يتخذن جليسات ولا صديقات وهن بهذه الحال لما عندهن من الفساد والشر. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (رؤوسهن كأسنة البخث المائلة). قال بعض أهل العلم معنى ذلك أنهن يعظمن الرؤوس لما يجعلن عليها من خرق ولفائف وغير ذلك، حتى تكون مثل ألسنة المكث المائلة. والبخث نوع من الإبل لها سنامان بينهما شيء من الانفراق فهذا مائل إلى جهة وهذا مائل إلى جهة، طرف مائل لجهة وطرف مائل لجهة فهؤلاء النسوة لما عظمن رؤوسهن وكبرن رؤوسهن بما يجعلن عليها أشبهن بهذه الأسنمة. وقوله: (لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) هذا وعيد شديد يفيد الحذر، ولا يلزم من ذلك الكفر ولا خلودهن في النار كسائر المعاصي وهذا وعيد فإذا كن مسلمات ولكن تعاطين هذه الفواحش فهذا من أسباب دخولهن في النار والعقاب في النار بقدر معاصيهن ولا يخلدن في النار إذا كان مسلمات موحدات لله - عز وجل - مؤمنات بالرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يخلدن في النار، ولكن هن متوعدات بهذا الوعيد الشديد على معاصيهن وسيئاتهن. وأهل السنة والجماعة إن العاصي ولو دخل النار لا يخلد وهو على خطر لكن لا يخلد إذا دخلها بل يعذب على قدر معاصيه التي مات عليها لم يتب ثم يخرجه الله من النار بعد التمحيص والتطهير إلى الجنة، هذا هو قول أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة ، الخوارج والمعتزلة يقولون إن من دخل النار يخلد فيها مطلقاً، وهذا قول باطل وضلال فعند المعتزلة وعند الخوارج أن الزاني مخلد في النار والزانية مخلدة في النار والسارق مخلد في النار والعاق لوالديه مخلد في النار والقاطع رحمه مخلد في النار والمرابي مخلد في النار إذا دخلها كلهم لأنهم عندهم أن هذه المعاصي توجب النار ودخولها أبد الآباد كالكفار نعوذ بالله من ذلك وهذا قول فاسد عند أهل السنة خطأ وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تواترت عنه الأخبار أن العصاة يخرجون من النار وأنه يشفع فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ويشفع فيهم المؤمنون، ويشفع فيهم أفراطهم، ويشفع الملائكة، فيخرج الله من النار كل من كان مثقال حبة خردل من إيمان، مثقال شعيرة من إيمان، مثقال برة من إيمان. المقصود أن أهل المعاصي الموحدين المسلمين الذين دخلوا النار بمعاصيهم وهم ليسوا كفاراً فإنهم لا يخلدون في النار، بل متى دخلوها عذبوا بها بقدر الجرائم التي ماتوا عليها وبعد التطهير والتمحيص يخرجهم الله من النار فضلاً منه - سبحانه وتعالى - إما بشفاعة الشفعاء، وإما بفضله ورحمته - سبحانه وتعالى - من دون شفاعة أحد فضلاً من الله - عز وجل - هذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن أتباعهم بإحسان - رضي الله عنه -. بارك الله فيكم.