حكم تصميم برنامج كمبيوتر لشركه سياحية

السؤال: هل عمل (برنامج) على (الحاسوب) لشركة سياحية حرام أم حلال؟

الإجابة

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فمما لا شك أن السياحة بمفهومها الحالي لا تخلو -في الغالب- من اشتمال على محاذير شرعية كثيرة من عُرْيٍّ، ومُجَاهَرَة بالفحشَاء والعَرْبَدَةِ وشرب الخمر، واللَّهو الماجِن، والاختلاط المُحَرَّم وإشاعة الفاحشة وغيرها مما حرَّمه الله تعالى.

ولذلك لا يشُكُّ في حُرْمَةِ العمل فيها على تلك الحال عالمٌ؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، ومن القواعد الشرعية المُقرَّرة عند أهل العلم، أنه: "لا يجوز التعاون على فعل المُحَرَّم بأي وجه من وجوه الإعانة"؛ قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَان} [المائدة:2].

وثبت في "صحيح مسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور مَن تَبِعَهُ لا يُنْقِص من أُجُورِهِمْ شيئاً، ومن دَعَا إلى ضَلالة كان عليه من الإثم مثل آثامِ من تَبِعَهُ لا ينقص ذلك من آثامِهم شيئاً".

ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما: "لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها".

فلَعَنَ الله عز وجل كلَ هؤلاء؛ بسبب تعاونهم على هذا المنكر، وفي معنى هذا كل من أعان على معصية؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وفي معنى هؤلاء كل بيع، أو إجارة، أو هبة، أو إعارة تعين على معصية إذا ظهر القصد، وإن جاز أن يزول قصد المعصية، مثل بيع السلاح للكفار، أو للبغاة، أو لقطاع الطريق، أو لأهل الفتنة، إلى غير ذلك من المواضع؛ فإن ذلك قياس بطريق الأولى على عاصر الخمر، ومعلوم أن هذا إنما استحق اللعنة، وصارت إجارته وبيعه باطلاً إذا ظهر له أن المشتري أو المستأجر يريد التوسل بماله ونفعه إلى الحرام؛ فيدخل في قوله سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]، "اه.

فالواجب على المسلم أن يبحث عن عملٍ لا يكون فيه سَبَباً في معصية أحد لله، فإن السَّلامَةَ في الدين لا يَعْدِلُها شيء، ومن رَتَعَ حول الحمى أوشَك أن يواقِعَهُ، ومن ترك شيئاً لله عَوَّضَهُ الله خيراً منه؛ قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2،3].

وإذا تقرر هذا؛ فعمل (برنامج) على (الحاسوب) لشركه سياحية، مُحَرَّمٌ، والراتب الذي ستتقاضاه عن هذا العمل محرمٌ أيضاً.

واعلم -رحمك الله- أنك لن تدع شيئاً اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيراً منه؛ كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في "مسند أحمد"، وقال الله عز وجل: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:2-3]،، والله أعلم.