وجدت في أرضي ذهباً أثناء الحفر

السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، رجل يملك أرضاً، وأثناء الحفر بها وجد التراب الأسود الذي يُنتِج الذَّهب؛ فهل له حق التصرف فيه، أم يجب عليه إخبار السلطات؟ وهل يختلف الحكم باختلاف سبب ملكيته للأرض سواء بالوراثة أو الشراء أو غيرهما؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابة

الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الكنوز أو نحوها مما يوجد في الأرض مما ليس له مالك معين من بني آدم، لا حَرَجَ على واجدِهِ في أخذه؛ لقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً} [البقرة: 29].

واعلم أن التراب الأسود الذي يُنْتِج التِّبْر (الذِّهب)، قد اختَلَفَ العلماء في توصيفه الشَّرعيِّ، وهل هو رِكَازٌ؟ فيجب فيه إخراج الخُمس، أم مجرد معدن تجب فيه زكاة المعادن، وهي ربع العشر؟ فذهب الجمهور إلى أن الرِّكَازَ: هو دفين الجاهلية خاصة؛ قال الشافعيُّ في "الأم": "الذي لا أَشك فيه أَن الرِّكاز دَفِينُ الجاهلية، والذي أنا واقف فيه الرِّكَاز في المعدن والتِّبْر المخلوق في الأرض".
وقال أبو محمد ابن حزم في "المُحَلَّى": "وأما الرِّكَازُ فهو دَفْنُ الجاهليةِ فقط؛ لا المعادن، لا خلافَ بين أهل اللغة في ذلك".

وقال الباجي في "المنتقى": "فأما المعدن، فلا يسمى رِكَازاً، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: المعدن يسمى رِكَازاً؛ والدليل على ما نقوله ما رُوِي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وفي الرِّكَازِ الْخُمُسُ" [متفق عليه]، فوجه الدليل منه أن قال المعدن جُبَارٌ وفي الرِّكَازِ الخُمسُ ولو كان المعدن رِكَازاً لقال وفيه الخُمس، ودليلُنا من جهة المعنى أن الرِّكَازَ من أركزت الشيء إذا دفنته والمعدن نبات أنبته الله في الأرض وليس بوضع آدمي؛ فَسُمِّيَ رِكَازاً، قال صاحب العين: رَكَّزْتُ الشَّيءَ رَكزاً غَرَزْتُهُ".

وبناء على ما سَبَق؛ فالظَّاهر والعلم عند الله أن التُّرابَ الأسودَ الذي يُسْتَخْرَجُ منه التبر (الذهب) يُعَدُّ مَعْدناً، وليس رِكَازاً؛ فَيُخْرِجُ واجدُهُ رُبع العُشْرِ (2,5 %)، وهو قول مالك على تفصيل في المذهب والشافعي وأحمد وإسحاق وداود، وابن حزم إلا أنه اشترط دوران الحْول، والباقي (97,5 %) لصاحب الأرض أو الدار سواءً ملكَها بالشِّراء أو الميراث أو غير ذلك.

كما لا يختلف الحُكم باختلاف نوع الملكية، ولا يجب على واجده إبلاغ السلطات، وله حق التصرف فيه؛ قال مالك في "المدونة": "أما تراب الذهب والفضة الذي يخرج من ذلك التراب ففيه الزكاة، وهو بمنزلة تراب المعادن".

وقال الهيتمي في "التحفة": "زكاة المعدن الأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ} [البقرة: 267]، أي: زكُّوا من خِيَارِ ما كسبتم، أي: من المال {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267]، أي من الحبوب والثمار، وأخبر الحاكم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم أخذ من المعادن القبلية الصدقة.

وقال في "شرح المنهاج": "من معدن، أي: مكان خلقه الله فيه موات أو ملك له، ويُسَمَّى به، المستخرج أيضاً كما في الترجمة (لَزِمَهُ رُبع عشره) لخبر: (وفي الرقة ربع العشر)، (حالاً)؛ فلا يُعْتَبَر الحَوْلُ; لأنه إنما يُعْتَبَر للتَّمَكُّن من تنمية المال، والمستخرج من معدن نماءً في نفسه، واعْتُبِرَ النِّصَاب; لأن ما دونه لا يحتمل المواساة، كما في سائر الأموال"، والله أعلم.



نقلاً عن موقع الآلوكة.