حكم خص الأقارب بالزكاة

السؤال: لقد سمعت في محاضرات أنه لا ينبغي أن يخص أحد بالزكاة أقاربه، لأن الزكاة مثلاً إذا كان بالإمكان أن تغني أحداً فإنه يمكن إعطاءها له، على ضوء هذا هل يمكنني إعطاء أغلب الزكاة لأحد أقاربي؟

الإجابة

الإجابة: إن الزكاة كما سبق: استثناءٌ استثناه الله تعالى مما آتانا من المال، فليست ملكاً لأحد منا، هي استثناء استثناه الله مما آتانا، وعلى هذا فإنما يعطيها الله ويمنعها، والله تعالى لم يكل قسمتها إلى نبي مرسل ولا إلى ملك مقرب بل تولى تقسيمها بنفسه، فقال في محكم التنزيل: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ}، فقسمها بين ثمانية أصناف وهم مستحقون لها، ومن حَرَمَ قِسماً من هذه الأقسام كان معتدياً ظالماً، لأنه لم يعطهم شيئاً إنما أدى إليهم حقهم الذي أعطاهم الله.

وتخصيص أقاربه بها هو من توفير ماله لأنه يدفعها إلى أقاربه ليتولى ذلك عنه مؤونتهم، فإنهم إذا لم يكن لديهم غنى كانوا من عياله واحتاج إلى الإنفاق عليهم، فإذا كانوا أغنياء لم يحتج إلى الإنفاق عليهم، وإذا كانوا فقراء احتاج إلى الإنفاق عليهم، وكذلك توفير العِرض بها بأن يكون الإنسان إذا لم يدفعها إلى فلان خاف أن يتكلم في عرضه وأن يؤذيه بلسانه وإذا دفعها إليه أسكته بها فهذه ليست زكاة، هذه إنما هي مداراة دفع بها الإنسان عن ماله أو دفع بها عن عرضه، ولكن لا يمكن أن تعتبر زكاة، لأن الزكاة جزء استثناه الله من مالنا وصرفه في مصرف حدده في كتابه ولم يكل قسمته إلينا، وعلى هذا الأفضل للإنسان كما سبق أن يوكل على الزكاة مطلقا، وهذا الذي نص عليه الفقهاء من كل المذاهب، فقد نص الفقهاء جميعاً على أن الأفضل التوكيل فيها، وهذا محل اتفاق بين أهل العلم ولم يرد فيه مخالف، لأن الإنسان إذا وكل عليها فاختار من يثق بدينه وعلمه وأعطاه الزكاة، وقال: "أخرج هذه الزكاة على مستحقه" فقد برئ هو قطعاً، ولن يأتي يوم القيامة مخاطباً بأداء شيء من الزكاة لأنه قد أداها إلى وكيل مأمون، ثم بعد ذلك يجتهد الوكيل في صرفها في مصارفها، وإن كان هو يعرف بعض الفقراء المستحقين الذين قد لا يعرفهم الوكيل فلا بأس أن يخبره عن حالهم فيقول: "لي أقارب وصفهم كذا وكذا، وحالهم كذا وكذا، لكن لا أتدخل لك في إعطائهم إذا شئت أعطهم إذا كنت تعطي نظراءهم وأمثالهم، وإذا اجتهدت فلك الحق في ذلك فأنت وكيل ذو تصرف مطلق".



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.