هل يصح الجمع بين الظهر والعصر على الدوام

في بعض المساجد يجمعون بين صلاتي الظهر والعصر في وقت صلاة الظهر، ويزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بينهما أربعين يوماً في المدينة تخفيفا على أمته ، نرجو التوجيه في ذلك جزاكم الله خيرا؟

الإجابة

نعم صحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلَّى الظهر والعصر جميعاً في المدينة، والمغرب والعشاء جميعاً في المدينة من غير خوفٍ ولا مطر ولا سفر، لكن لم يحفظ هذا عنه إلا مرةً واحدة - عليه الصلاة والسلام - لا أربعين، القول أنه فعله أربعين هذا باطل لا أساس له من الصحة، وإنما المحفوظ أنه فعل هذا مرةً واحدة. قال بعض أهل العلم : لعله كان لوجود دحض في الأسواق من آثار المطر أو وجود مرضٍ عام ووباء عام ، أو لأسبابٍ أخرى. قال ابن عباس : لئلا يحرّج أمته. يعني لدفع المشقة عنهم، فإذا حصل ما يشق عليهم من مرض أو دحض وآثار المطر في الأسواق أو ما أشبه ذلك مما فيه مشقة جاز هذا الجمع. أما من غير عذر فالواجب أن لا يفعل؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقّت المواقيت في المدينة للناس، ووقتها جبرائيل له في مكة - عليه الصلاة والسلام - ، وقال صلى الله عليه وسلم : (الصلاة بين هذين الوقتين). وكان يصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، هذا هو المحفوظ عنه في المدينة - عليه الصلاة والسلام - . فالواجب على المسلمين أن يصلوا كل صلاة في وقتها، وأن لا يجمعوا إلا من عذرٍ شرعي، وهذه المرة التي فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - محمولة على أنه كان لعذرٍ شرعي أراد به دفع الحرج أمته - عليه الصلاة والسلام -، بسبب ذلك العذر الذي لم يذكر في الحديث. والواجب على الأمة أن تأخذ بالأمور المحكمة الواضحة وأن تدع المشتبهات ، يقول الله - جل وعلا - في كتابه العظيم: فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ [(7) سورة آل عمران]. فلا يجوز للمؤمن أن يأخذ بالمتشابه الذي ليس فيه وضوح ويدع المحكم الواضح البيّن الذي هو صلاته ، كل صلاة في وقتها في حياته - صلى الله عليه وسلم - في المدينة مدة عشر سنين- عليه الصلاة والسلام- وقد وضح للأمة ذلك ، وقال: (الصلاة بين هذين الوقتين). وقال : (صلوا كما رأيتموني أصلي). فلا يجوز أن نأخذ بشيء لم يتضح سببه يخالف الأحاديث الصحيحة ، والعمل المستمر في حياته - صلى الله عليه وسلم- بل هذا من اتباع المتشابه الذي للإمام، فإذا وجدت علة تسوغ الجمع فلا بأس؛ كالمرض والمطر والسفر ، ونحو ذلك، فلا بأس بذلك؛ كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - في أسفاره ، ورخص للمستحاضة أن تجمع لعذرها ، والمريض كذلك المعذور، فلا بأس بذلك .... العذر الشرعي.