الهوي على اليدين في السجود

السؤال: لقد ظهر من بعض المصلين حركة جديدة في الصلاة ما كانت تفعل من قبل، فبعض الناس إذا أراد السجود نزل على يديه أولاً قبل ركبتيه، وذلك بوضع ظاهر أصابعه كأنه يعجن، وكذا إذا قام من السجدة الثانية، وأما البعض الآخر من هؤلاء المصلين فإنه إذا قام من جلسة الاستراحة وضع كذلك ظهر أصابع يديه يعتمد على يديه، ثم يرفع يديه ويضعهما على ركبتيه، ويعتمد على ركبتيه في القيام، فما حكم هذه الحركات الزائدة في الصلاة؟

الإجابة

الإجابة: المشروع للإنسان أن يصلي كما صلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وقد ذكر مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته، لم ينهض حتى يستوي قاعداً، يعني يجلس في الركعة الأولى، ثم يقوم للثانية، ويجلس في الركعة الثالثة، ثم يقوم للرابعة، وهذه الجلسة سماها العلماء: جلسة الاستراحة، وروى مالك بن الحويرث أيضاً أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "إذا رفع رأسه من السجدة الثانية جلس، واعتمد على الأرض ثم قام".

ولكن هل هو على صفة العاجن أم لا؟

والجواب: هذا ينبني على صحة الحديث الوارد في ذلك، وقد أنكر النووي رحمه الله في المجموع صحة هذا الحديث، أي أنه يقوم كالعاجن، وبعض المتأخرين صححه، وعلى كل حال فالذي يظهر من حال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يجلس لأنه كبر وأخذه اللحم، فكان لا يستطيع النهوض من السجود إلى القيام مرة واحدة، فكان يجلس ثم إذا أراد أن ينهض ويقوم اعتمد على يديه ليكون ذلك أسهل له، هذا هو الظاهر من حال النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم.

ولهذا كان القول الراجح في هذه الجلسة -أعني الجلسة التي يسميها العلماء جلسة الاستراحة- أنه إن احتاج إليها لكبر، أو ثقل، أو مرض، أو ألم في ركبتيه أو ما أشبه ذلك فليجلس، ثم إذا احتاج أن يعتمد عند القيام على يديه فليعتمد على أي صفة كانت، سواء اعتمد على ظهور الأصابع، أي جميع أصابعه، أو على راحته، أو غير ذلك، المهم أنه إذا احتاج إلى الاعتماد فليعتمد، وإن لم يحتج فلا يعتمد.

أما النزول للسجود فالصحيح أن الإنسان يبدأ بركبتيه قبل يديه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يضع الإنسان يديه قبل ركبتيه حيث قال: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير"، ونحن نشاهد البعير إذا برك يقدم يديه، هذا شيء واضح، وقد فهم بعض العلماء أن المراد من ذلك أنه لا يقدم ركبتيه فقال: إن ركبتي البعير في يديه، فإذا قدم ركبتيه عند السجود فقد برك كما يبرك البعير، وهذا فهم فيه نظر، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل: "فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير"، فلوا قال ذلك لقلنا: لا تبرك على الركبتين، بل قال: "فلا يبرك كما يبرك البعير"، فالنهي عن الكيفية والهيئة، وعليه فيكون الرجل إذا قدم يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير.

فإن قال قائل: يؤيد الفهم الثاني أن الحديث: "وليضع يديه قبل ركبتيه"، فالجواب عن هذا: أن هذه الجملة لا تصح، لأنها لا تتلاءم مع أول الحديث، بل هي منقلبة على الراوي وصوابها: "وليضع ركبتيه قبل يديه"، كما حقق ذلك ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد، وعلى هذا فالسجود يكون على الركبتين، فإن احتاج الإنسان إلى أن يضع يديه قبل ركبتيه، كما لو كان يشق عليه النزول على الركبتين فلا بأس حينئذ بأن يضع اليدين قبل الركبتين.



مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين - المجلد الثالث عشر - كتاب السجود.