هل يجوز العمل في القنوات الفضائية؟

السؤال: هل يجوز العمل في القنوات الفضائية؛ حيث إنني عُرِضَ عليَّ العَمَلُ في إحدى القَنَوَاتِ؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن حُكْمَ العَمَل فِي القَنَوات الفضائِية مَبنِيٌّ على ما تُقَدِّمُه هذه القَنَوات من برامج؛ فإذا كانت الغَالِب على بَرَامِجهَا مِمَّا يُحَرِّمه الشَّرع، فإنه لا يجوز العمل فيها؛ لأنه من التَّعَاون على الإثم والعدوان؛ قال الله تعالى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة:2]، ومن الفساد المنهي عنه، وقد قال سبحانه: {وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا} [الأعراف:56].

وأيضًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإِثْمِ مثل آثام من تَبِعَهُ لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا" (رواه مسلم).

وإن كان ما تقدمه مما يُبِيحه الشَّرْعُ فالعَمَل فيها مُبَاح.

أما إن كانت تَخْلِط عَملاً صَالحًا وآخر سَيِّئًا، ولكن يَغْلُب عليها المنفعة فلا بأس بالعمل فيها، بِشَرْط أَلاَّ تَتَعاون في البَرامِج الفاسِدة، وأن تكون سَاعِياً للإِصلاح قدر الإمكان، وأن تُحَاوِل جاهدًا تَقْلِيل الفساد، هذا لمن استطاع أن يحافظ على دينه ويتجنب الفساد أما إن لم يكن له تأثير إيجابي، أو لا يتاح له ذلك، أو كان فيه فتنة للعامل، أو فساد في دينه وأخلاقه: فلا يجوز له البقاء في تلك القنوات الفاسدة، وسَيَجْعَلُ الله له بديلاً صالحاً، وليعلم أن الأرزاق بيد الله، وهي مُقَدَّرَة سلفاً، ومن ترك شَيئاً لله، عَوَّضَهُ الله خَيراً منه.

قال الإمام عز الدين بن عبد السلام في كتابه (قواعد الأحكام): "وإذا اجتمعت مصالح ومفاسد فإن أمكن تحصيل المَصَالِح ودَرْءِ المَفَاسِد، فعلنا ذلك امتثالاً لأمر الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم} [التغابن:16]، وإن تَعَذَّر الدَّرء والتَّحصِيل، فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة، ولا نُبالي لِفَوات المصلَحَةِ، قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة:219]، حَرَّمَهُمَا لأَنَّ مَفْسَدتهما أكبر من مَنْفَعَتِهما". والله أعلم.