موقف العامة من اختلاف العلماء في الفروع

السؤال: جزاكم الله عنا كل خير، أما بعد: أنا حيران، لا أعرف من أتبع؟ بعض العلماء يقولون بأن الشيء جائز، والآخر ليس بجائز في فتوى خاصة، ماذا أفعل؟ لماذا لا يتفقون على فتوى عامة؟ أليس الإسلام أمة واحدة متماسكة؟ لماذا العلماء الذين يريدون وحدة الأمة لا يتحدون بينهم في الأول كمثال أم أستفتي نفسي أو أختار بين فتويين ما تريد نفسي الأمارة بالسوء، أرشدوني؟ وشكراً، وجزاكم الله خيراً.

الإجابة

الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن عليك أن تجتهد في اختيار العالم الذي تريد أن تسأله عما أشكل عليك من أمر دينك، ويكون الأساس الذي تختاره عليه هو العلم والورع والاتباع للسنة النبوية المطهرة، فإذا اجتهدت واخترت من بين علماء الأمة من تطمئن إليه نفسك وأفتاك بما يرى أنه الصواب والحق، فعليك أن تأخذ بما أفتاك به.

ولا مانع شرعاً من أن تسأله عن دليله على ذلك من القرآن والسنة أو الإجماع أو القياس أو أقوال أهل العلم ليطمئن قلبك وتتثبت لنفسك وعليه أن يبين لك ذلك، كما قال العلامة العلوي الشنقيطي في ألفية الأصول:
ولك أن تسأل للتثبيت *** عن مأخذ المسؤول لا التعنيت ثم عليه غاية البيان *** إن لم يكن عذر بالاكتنان
ولا داعي للقلق والانزعاج من اختلاف العلماء في المسائل الفرعية، فهذا الخلاف ليس خلاف تضاد ولا تصادم... وإنما هو اختلاف تنوع وتوسعة.

وهو دليل على سعة الدين وشموله وصلاحه للزمان والمكان وملاءمته لكل بيئة وعصر... وقديماً قال العلماء: "اختلاف الأئمة رحمة واسعة، واتفاقهم حجة قاطعة".

وتبقى بعد ذلك الأصول والثوابت هي التي تكون عامل الإجماع ووحدة الأمة، ولا يضر بعد ذلك الاختلاف في الجزئيات، فهذه فيها نوع من التوسعة وحرية الرأي والاجتهاد، والعلماء متفقون على هذا ويدعون الناس لفهمه، والله أعلم.