يدعو الناس للتوسل بمخلوقات الله مثل الأولياء

السؤال: رجل من أهل الطرق الصوفية إمام مسجد وقف يوماً في يوم الجمعة خطيباً وقال: لا نقول: الله فوق ولا تحت ولا شمالاً ولا يميناً، ويدعو الناس للتوسل بمخلوقات الله مثل الأنبياء والأولياء ويقرأ على أناس كانوا لا يؤدون فرائض الله وكانوا يخربون بيوت الناس ويمشون في الشوارع يصيحون ويضربون الناس ويقول عنهم: إنهم أولياء الله. هل هذه هي وحدة الوجود والحلول وغير ذلك من البدع الكثيرة، فهل هذا يصلى خلفه؟ وهل تجوز الصلاة وراء مؤذنه؟ وهل تجوز صلاة الأوقات الخمسة اليومية في البيت أم نصلي وراء هذا الرجل؟ أما الجمعة فيمكننا أن نصلي في مسجد آخر؟

الإجابة

الإجابة: أولاً: ثبت بالأدلة القطعية أن الله في العلو فوق جميع المخلوقات، وقد استوى على عرشه استواء يليق بجلاله، كما قال تعالى: {الرحمن على العرش استوى}، هذه عقيدة أهل السنة والجماعة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، وننصحك بقراءة كتاب [العلو للعلي الغفار] لمحمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي. فمن قال لا نقول: إن الله فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال، فهو بهذا مخالف لما دل عليه القرآن والسنة وأجمع عليه المسلمون من عهد الصحابة رضي الله عنهم من أهل العلم والإيمان، فيجب أن يبين له الحق فإن أصر فهو كافر مرتد عن الإسلام لا تصح الصلاة خلفه.

ثانيا: دعوته الناس إلى التوسل بمخلوقات الله مثل الأنبياء والأولياء دعوة باطلة يجب أن ينصح في ذلك وقد صدر منا جواب مفصل في حكم التوسل هذا نصه: من توسل إلى الله في دعائه بجاه نبي أو حرمته أو بركته أو بجاه غيره من الصالحين أو حرمته أو بركته فقال: اللهم بجاه نبيك أو حرمته أو بركته أعطني مالاً وولداً أو أدخلني الجنة وقني عذاب النار مثلاً فليس بمشرك شركاً يخرج من الإسلام، لكنه ممنوع؛ سداً لذريعة الشرك، وإبعادا للمسلم من فعل شيء يفضي إلى الشرك، ولا شك أن التوسل بجاه الأنبياء والصالحين وسيلة من وسائل الشرك التي تفضي إليه على مر الأيام، كما دلت عليه التجارب وشهد له الواقع، ولقد جاءت أدلة كثيرة في الكتاب والسنة تدل دلالة قاطعة على أن سد الذرائع إلى الشرك والمحرمات من مقاصد الشريعة، من ذلك قوله تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون}، فنهى سبحانه المسلمين عن سب آلهة المشركين التي يعبدونها من دون الله مع أنها باطلة؛ لئلا يكون ذلك ذريعة إلى سب المشركين الإله الحق سبحانه انتصارا لآلهتهم الباطلة جهلا منهم وعدواناً، ومنها نهيه صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد؛ خشية أن تعبد، ومنها: تحريم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية، وتحريم إبداء المرأة زينتها للرجال الأجانب، وتحريم خروجها من بيتها متعطرة، وأمر الرجال بغض البصر عن زينة النساء، وأمر النساء أن يغضضن من أبصارهن؛ لأن ذلك كله ذريعة إلى الافتتان بها ووسيلة إلى الوقوع في الفاحشة، قال الله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} الآية.
وثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، ولأن التوسل بالجاه والحرمة ونحوهما في الدعاء عبادة، والعبادة توقيفية، ولم يرد في الكتاب ولا في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ما يدل على هذا التوسل، فعلم أنه بدعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"

ثالثاً: الذين لا يؤدون فرائض الله ويخربون بيوت الناس ويمشون في الشوارع يصيحون ويضربون الناس هؤلاء من أولياء الشيطان لا من أولياء الله، فمن ادعى أنهم من أولياء الله فقد كذب وهو منهم، ويجب البيان له ولهم بأن هذا العمل مخالف لشرع الله، ويجب عليهم الرجوع إلى شرع الله، إذا كانوا لا يصلون فهم كفار؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر"

رابعاً: إن هذا الرجل لا يُصلى خلفه لا جمعة ولا جماعة، بل عليك أن تصلي صلاة الجمعة والجماعة في أقرب مسجد ممكن خلف إمام ترضاه في دينه وأمانته.

خامساً: أما المؤذن فلم تذكر لنا عنه شيئاً من الأمور المخالفة لدين الله حتى نجيبك عن حكم الصلاة خلفه.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.



مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد الحادي عشر (العقيدة).