ترك الزكاة

هل ترك الزكاة يخرج من الملة أم لا؟

الإجابة

ترك الزكاة لا يخرج من الملة معصية كبيرة من كبائر الذنوب، ولكن صاحبها لا يخرج من الملة بل هو تحت مشيئة الله؛ لأنه صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أحميت عليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) ما قال إلى النار فقط قال: (إما إلى الجنة وإما إلى النار) فدل على أنه تحت مشيئة الله، وأنه قد يدخل الجنة بعد التعذيب بعدما أن يعذب، كما أن كثيراً من العصاة يعذبون كالزناة وأصحاب العقوق وأكلة الربا إلى غير ذلك، قد يعذبون ثم يدخلون الجنة إذا كانوا ماتوا على التوحيد والإسلام، وقد لا يعذبون إذا كان لهم حسنات عظيمة وأعمال صالحة وعفا الله عنهم الله يعفوا عن الجميع سبحان وتعالى، كما قال عز وجل في كتابه العظيم: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ ثم قال سبحانه:وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء(116) سورة النساء، ما دون ذلك يعني ما دون الشرك، كالعقوق وترك الزكاة وترك الصيام وترك الحج مع الاستطاعة أكل الربا، شرب المسكر، كل هذه وأشباهها من المعاصي تحت مشيئة الله قد يدخل النار ويعذب وقد يعفى عنه، لكن من دخل النار من أهل المعاصي لا يبقى فيها، لا يخلد بعد مضي مدة من بقائه فيها يخرجه الله، والمدة الله الذي يعلمها سبحانه وتعالى على حسب معاصيه، بعد التطهير وبعد التمحيص يخرجه الله من النار إلى الجنة، إما بشفاعة الشفعاء كنبينا -صلى الله عليه وسلم-، أو بشفاعة غيره، أو بمجرد رحمة الله سبحانه وتعالى وعفوه، إذا انتهت المدة التي كتبها الله عليه في النار، ولا يخلد خلافاً للخوارج والمعتزلة، الخوارج والمعتزلة يقولون العاصي مخلد في النار، من ترك الزكاة يخلد في النار، من زنا يخلد في النار، من عق والديه يخلد في النار، من شرب المسكر يخلد في النار، هذا غلط عظيم، الخوارج يقولون كافر يخلد في النار، والمعتزلة يقولون بالمنزلة بين المنزلتين، لا كافر ولا مسلم في الدنيا، ليس مسلم ولا كافر في الدنيا، لكنه في الآخرة مخلد في النار، فهم مع الخوارج في الآخرة مخلدٌ في النار كالكفار، وهذا باطل كلامٌ باطل خلافاً لأهل السنة والجماعة، أهل السنة والجماعة يقولون العاصي ليس بكافر، الزاني والسارق ومن ترك الزكاة أو ترك صيام رمضان أو الحج مع الاستطاعة ليس بكافر إذا لم يجحد وجوبها، فإنه يكون عاصياً متوعداً بالنار، فإن دخلها لم يخلد وإن عفا الله عنه فهو أهل الكرم والجود سبحانه وتعالى، وإن دخل النار فإنه يعذب مدة يشاءها الله ثم يخرجه الله من النار إلى الجنة فضلاً منه سبحانه وتعالى، ولا يخلد إلا الكفار الذين ماتوا على الكفر بالله، والعاصي إذا ستحل يكون كافراً، إذا استحل ترك الزكاة أو استحل ترك الصيام قال ما هو بواجب عليه صيام رمضان من دون علة شرعية، أو قال الحج وهو مستطيع الحج ما هو واجب كفر، أو قال الزنا ما هو بحرام، أو قال العقوق للوالدين ما هو بحرام، أو قال شرب المسكر ليس بحرام، أو قال أكل الربا كل الربا، ما في ربا كله حلال، هذا كفرٌ أكبر، يكون مع الكفرة نعوذ بالله، أما إذا تعاطى الربا وهو يعرف أنه عاصي، أو زنا ويعرف أنه عاصي، أو شرب المسكر وهو يعرف أنه عاصي، أو عق والديه يعرف أنه عاصي، هذا تحت مشيئة الله، العاصي أتى كبيرة فهو على خطر من دخول النار، لكن لا يكون كافراً خلافاً للخوارج، ولا يخلد في النار إذا دخلها خلافاً للمعتزلة والخوارج جميعاً، ولكنهم تحت مشيئة الله، إن عفا الله عنه بأسباب توحيده وأعماله الصالحة، فالله سبحانه صاحب الجود والكرم، وإن عذبه على قدر المعاصي فهو العدل سبحانه الحكم العدل، يعذبه كما يشاء بقدر سيئاته وأعماله القبيحة، ثم إذا مضت المدة التي قدرها الله عليه يخرجه الله من النار إلى الجنة فضلاً منه وإحساناً، هذا قول أهل السنة والجماعة قاطبة، وهو قول أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأتباعهم بإحسان، وهو الذي دل عليه كتاب الله، ودلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولهذا إذا زنا يحد لا يقتل، يحد حد البكر مائة جلدة وتغريب عام لو كان ردة قتل مرتداً، وإنما يقتل الثيب إذا زنا وهو ثيب قد تزوج ووطئ هذا يرجم إذا كان حراً مكلفاً يرجم، أما إذا كان مجنون ما عنده عقل هذا ما عليه حكم، المقصود أنه إذا كان مكلفاً وزنا وهو ثيب وقد تزوج وأحصن ودخل بالمرأة ووطئها يرجم حتى يموت حداً ويصلى عليه، وهو ما هو بكافر وإن كان بكراً ولم يتزوج أو تزوج ولم يطأ يجلد مائة جلدة ويغرب عام، فدل ذلك على أنه ليس بكافر لو كان كافر يقتل، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من بدل دينه فاقتلوه) رواه البخاري، المرتد كافر إذا ارتد عن الإسلام يقتل إلا أن يتب أما شارب الخمر لا يقتل يجلد، العاق يعزر عاق والديه يعزره ولي الأمر ويردعه لا يقتل، كذلك صاحب الغيبة والنميمة كلها معاصي، يستحق التأديب صاحبها، وليست كفراً بل هي معاصي صاحبها تحت مشيئة الله إذا مات عليها، خلافاً للخوارج قبحهم الله الذين يكفرون بالذنوب وخلافاً للمعتزلة الذين يقولون إنهم مخلدون في النار، نسأل الله السلامة والعافية. جزاكم الله خيراً