سئل: هل أراد الله تعالى المعصية من خلقه؟

السؤال: سئل: هل أراد الله تعالى المعصية من خلقه؟

الإجابة

الإجابة: فأجاب‏:‏

لفظ ‏[‏الإرادة‏]‏ مجمل له معنيان‏:‏ فيقصد به المشيئة لما خلقه، ويقصد به المحبة والرضا لما أمر به‏.

‏‏ فإن كان مقصود السائل‏:‏ أنه أحب المعاصي ورضيها وأمر بها فلم يردها بهذا المعنى، فإن الله لا يحب الفساد، ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يأمر بالفحشاء، بل قال لما نهى عنه‏:‏ ‏{‏‏كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً‏}‏‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 38‏]‏‏.

‏‏ وإن أراد أنها من جملة ما شاءه وخلقه، فالله خالق كل شيء وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا يكون في الوجود إلا ما شاء‏.‏

وقد ذكر الله في موضع أنه يريدها، وفي موضع أنه لا يريدها، والمراد بالأول أنه شاءها خلقاً، وبالثاني أنه لا يحبها ولا يرضاها أمراً، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً‏}‏‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 125‏]‏، وقال نوح‏:‏ ‏{‏‏وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ‏}‏‏ ‏[‏هود‏:‏ 34‏]‏، وقال في الثاني‏:‏ ‏{‏‏يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ‏}‏‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 185‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏.‏ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً ‏.‏ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفاً‏}‏‏ ‏[‏النساء‏:‏ 26-28‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏‏مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ‏}‏‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 6‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏‏إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً‏}‏‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 33].



مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الثامن.