التيس المستعار

بأنها متزوجة وهي تعصي زوجها وجاهلة ودائماً تغضب منه، ودائماً لا تعطيه حقه كزوج، وتطلب منه الطلاق كثيراً وقد طلقها مرتين، وعندما يذهبان للمأذون يرفض المأذون هذا الطلاق لأنه في حالة غضب، ولكنها تصر هي على طلب الطلاق فيوافق المأذون، حتى أصبح عدد الطلقات ثلاث طلقات على يد المأذون، وبما أنها تقول: تحبه وهو يحبها، ويرغبان الرجوع إلى بعضهما فقد اعترض دون ذلك والدها، وهو من حملة الكتاب -كما تقول- ونصحها بأنها لا تحل لزوجها حتى تتزوج رجلاً غيره، في هذه الحالة ذهبا إلى مأذون بلدتهما، فقال لها يمكنك أن تأتي بمحلل، وفعلاً قد اتفقا مع رجل طيب يريد لهما الصلاح -كما تقول في رسالتها- على أن يعقد عليها، وثاني يوم يطلقها دون أن يمسسها كزوج، وأكملت عدته، ورجعت لزوجها بعد العدة، وعاشت على هذه الحال خمس سنوات، أنجبت خلالها طفلين، وهي تعيش مع زوجها في عنادٍ وفي مشاكل وفي جحود، وهو صابر ومتحمل كما تقول هي في رسالتها، وقد سافرت إلى الخارج منذُ سنة، والتقت بأناس طيبين نصحوها بأنه لا يجوز لها أن تعصي زوجها، وبينوا لها حكم الله، وهي الآن نادمة وتائبة، وتريد أن تعرف ما الحكم في بقائها مع زوجها، هل تبقى معه أم أنه يفرق بينهما، وإذا فرق بينهما فما مصير الطفلين اللذين جاءا بعد الطلقة الأخيرة؟

الإجابة

أولاً: الواجب على الزوجة طاعة زوجها بالمعروف، ومعاشرته بالمعروف لأنه حقه عظيم، قال - سبحانه وتعالى –: (وعاشروهن بالمعروف)، وقال - سبحانه وتعالى -: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة)، وأوصى النبي - صلى الله عليه وسلم – المرأة بالسمع والطاعة لزوجها، وقال: (إذا باتت المرأة وزوجها ساخطٌ عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح)، وفي لفظٍ آخر: كان..... ساخطٌ عليها حتى يرضى عنها زوجها)، فالأمر عظيم والخطر كبير، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (أيما امرأةٍ سألت الطلاق فيما ليس به بأس لم ترح رائحة الجنة)، هذا وعيد شديد، سؤال الطلاق من غير علة، من غير بأس لا يجوز، وعلى المرأة السمع والطاعة والكلام الطيب والمعاشرة الحسنة في المعروف فيما أباحه الله - سبحانه وتعالى -وشرعه، وليس لها عصيان زوجها ولا تكديره وإيذاءه لا بالكلام ولا بالفعال، متى طلبها لحاجته لنفسها أجابت، ومتى أمرها أطاعت فيما يتعلق بشؤونهما، وهكذا ما يتعلق بخدمة البيت، وإحضار الطعام وما جرت به العادة بين الزوجين، هذه أمورٌ يلزمها أن تطيع زوجها في ذلك وأن تخاطبه بالتي هي أحسن وأن تسير معه المسيرة الحسنة التي عرفها الأخيار من المسلمين فيما بينهم. وأما الطلاق فقد حدد الله الطلاق وجعله ثلاثاً، فإذا طلقها ثم راجعها ثم طلقها ثم راجعها وهو عاقل، طلقها على الوجه الشرعي، ثم طلقها الثالثة فإن الطلقة الثالثة تحرمها وليس له أن ينكحها إلا بعد زوجٍ شرعي يطأها ثم يطلقها وتعتد منه بموت أو يموت عنها، بعد ذلك تحل له أن يراجعها، أما التحليل فهو لا يجوز بل هو منكر، وهو نكاح باطل والرسول - صلى الله عليه وسلم – لعن المحلل والمحلل له، والعياذ بالله، فكون ينكحها زوجٌ محلل يتفقان معه أنه ينكحها ثم يفارقها هذا منكر، ومن كبائر الذنوب وصاحبه ملعون، المحلل والمحلل له جميعاً، ولا يحلها للزوج السابق الذي فاعله مع المحلِّل أمر منكر، وطريق فاسد وصاحبه قد تعاطى كبيرة عظيمة، وهي لا تزال محرمة على زوجها وعليها أن تفارقه حتى تتزوج زوجاً شرعياً وحتى يطأها زوج شرعي ثم يفارقها بموتٍ أو بطلاق ثم تعتد. أما الأولاد الذين جاءوا بعد ذلك بعد النكاح الباطل فهم أولاد زوجها بالشبهة، لأجل الشبهة؛ لأن هذا وقع عن شبهة وعن جهل فيلحقوا الأولاد هذا الزوج وينسبوا إليه، ولكن عليها وعلى زوجها التوبة إلى الله والندم والإقلاع، والعزم الصادق بأن لا يعودوا إلى مثل هذا المنكر، ومتى تزوجت زوجاً شرعياً لا محللاً ثم وطأها ثم طلقها الزوج أو مات عنها فإنه تحل له لزوجها هذا. إذن الخلاصة فضيلة الشيخ أنها تفارق زوجها ويفارقها الآن؟ الخلاصة أنها مقيمة معه على حرام، وعليها أن تفارقه ويفارقها، وعليهما التوبة إلى الله جل وعلا جميعاً أما أولادهما فلاحقون بأبيهم لأجل الشبهة، لأجل وطئ الشبهة، وليس لها أن تعود إليه أبداً إلا بعد زواج شرعي، بعد زوجٍ شرعي يطأها ثم يفارقها، بموت أو طلاق ثم بعد ذلك يتزوجها زوجها الأول إذا شاء.