الحيوانات السائبة

السؤال: ما قولكم في هذه الحيوانات السائبة التي يهملها أصحابها، ولا يحافظون عليها، كالحمير، وغيرها، ولاسيما ما يصاب منها بكسر ونحوه، بحيث لا يمكن الانتفاع به، فلا يؤجَّر، ولا يساوي قيمته لو يباع، ولا يعلم صاحبه فيلزم بنفقته، فهل يجوز قتلها رحمة بها وإراحة لها من الألم، وإراحة للمسلمين من ضررها. وإذا لم تجيزوا قتلها فكيف التخلص من ضررها؟

الإجابة

الإجابة: إن قتل هذه الحيوانات المذكورة لا يحل شرعا؛ لما صرح به الفقهاء رحمهم الله: قال في (الإقناع وشرحه): ولا يجوز قتلها -أي البهيمة- ولا ذبحها للإراحة، كالآدمي المتألم بالأمراض الصعبة.أ.ه. وقال في (المنتهى وشرحه): ويحرم ذبح حيوان غير مأكول لإراحته من مرض ونحوه.أ.ه.

إذا عرف هذا، فليعلم أن الله تعالى امتن علينا بخلق هذه الحيوانات لمنافعنا، وجعلها أمانة لَدَينا، وأوجب علينا القيام بما يلزم لها من علف، وغيره. وصرح العلماء بأن صاحب البهيمة يلزمه إطعامها، ولو عطبت؛ لأنها ملكه، فكما أنه يملك منافعها فعليه القيام بنفقتها، حتى قالوا: لو ماتت فجيفتها له، وعليه نقلها؛ لدفع ضررها عن الناس، وإن امتنع صاحبها أجبر على النفقة عليها، فإن أبى، أو عجز ألزم ببيعها، أو إجارتها، وإن كانت مما يؤكل لحمه فله ذبحها؛ للانتفاع بلحمها، ولا يجوز قتلها لإراحتها من مرض، ونحوه.

فإن امتنع صاحبها مما ذكرنا فالحاكم يقوم مقامه، ويفعل ما يراه الأصلح، فإن لم يوجد ربها فهي داخلة في ضمن الأموال المجهولة أربابها، يتولاها الحاكم، ويعمل ما يراه الأصلح مما ذكر، فإن أنفق عليها فمن بيت المال، ويحتسب على صاحبها متى جاء، وإن باعها احتفظ بثمنها لصاحبها متى جاء، لكن بعد معرفة صفاتها، ووسمها، وعلاماتها، وتاريخها، ونحو ذلك، وإن لم يأت صاحبها فثمنها داخل في ضمن أموال بيت المال. وإن كانت مثل الحمير التي لا يمكن الانتفاع بها لكسر ونحوه، فينفق عليها من بيت المال، إن لم يكن هناك مرعى ترعى به، فكما أن بيت المال أحق بالأموال المجهولة أربابها فهو أيضا يقوم مقامهم في النفقة على ما تجب نفقته من الحيوانات، والله أعلم.