الإجابة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فيا أخي أسأل الله تعالى أن يربط على قلبك، وأن يفرج همك وينفس كربك ويبدلك خيراً مما ذهب، وأن يجعل عاقبة أمرك رشدا، واعلم علَّمني الله وإياك أنه لا يجوز لك التقدم لخطبة تلك الفتاة ما دامت الموافقة قد صدرت من أهلها للخاطب الأول وحصل الركون؛ وأنت بارك الله فيك على علم بالحكم من خلال الحديث الذي أوردته في سؤالك؛ لكنني أذكرك بأمور:
أولها: عليك أن تسلِّم لله تعالى في قضائه، وتكثر من الدعاء النبوي "اللهم إني أسألك نفساً بك مطمئنة، ترضى بقضائك، وتقنع بعطائك، وتؤمن بلقائك" وكن على يقين بأن الأمور مقدرة عند الله مكتوبة قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة؛ وقد قال سبحانه: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ . لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} ﴿الحديد: ٢٢، 23﴾.
ثانيها: أنت لا تعلم أين يكون الخير؛ فلربما قد صرف الله عنك سوء وأنت لا تدري!! وربما قد ادخر لك من الخير أضعاف ما ذهب عنك {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} ﴿النور: ١١﴾، وقد يظن الإنسان الشر فيما عاقبته خير، وقد يسعى وراء أمر الله يعلم أن فيه حتفه وهلاكه {وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ﴿النور: ١٩﴾.
ثالثها: لا يغرنك ما يظهر من حال تلك الفتاة أنها غير راغبة في ذلك الخاطب؛ فإنها هي كذلك لا تدري أين يكون الخير؛ وأهلها أدرى بحالها وهم أقدر على تحقيق مصلحتها وما يعود عليها بالنفع؛ فلا تك سبباً في حصول شقاق بين البنت وأهلها، وسل الله لها أن يقدر لها الخير حيث كان ويرضيها به.
رابعها: استعن بالله ولا تعجز، وأقبل على ما أنت فيه من طلب العلم النافع، ومع تقديري لمشاعرك فما ينبغي لك أن تعتقد أن هذه الحالة التي أنت فيها ستدوم، بل بعد حين إن شاء الله تنسى ما كان، وما بين طرفة عين وانتباهتها يغيِّر الله من حال إلى حال، وخذ هذه الحكمة التي قالها بعضهم:
كن عن همومك معرضا *** وكل الأمور إلى القضا
وانعم بطول سلامة *** تهليك عما قد مضى
فلربما اتسع المضيق *** وربما ضاق الفضا
ولرب أمر مسخط *** لك في عواقبه رضا
الله يفعل ما يشاء *** فلا تكن متعرضا
أسأل الله لك فواتح الخير وخواتمه وظاهره وباطنه، والله الموفق والمستعان.