وجود السحر وكيفية الوقاية منه

لقد اكتشفنا أن إحدى أخواتي قد أصيبت بالسحر بعد أن تعطلت خطبتها، واضطرت للبحث عن علاج لهذا الموضوع، فأفادتها إحدى النساء بأنك مسحورة، وأن مكان السحر تحت عتبة الباب، وتسأل سماحتكم: كيف يُتقى شر هؤلاء؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد.. فقد دل القرآن الكريم وهو كلام الله -عز وجل- على أن السحر موجود، وبعضه دخيل، وبعضه له حقيقة وأثر، ومن هذا قوله –سبحانه- في قصة موسى مع السحرة: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) سورة طه. ومنها قوله -جل وعلا- في سورة البقرة: وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ(102) سورة البقرة. فالسحر حقيقة, لكن بعضه تخييل وتلبيس ولا حقيقة له واقعية كما جرى من السحرة فيما فعلوا من التخييل من حبالهم والعصي، ويقع بعضه مؤثراً كما ذكر الله في سورة البقرة أن السحرة يتعلمون منهما -الملكين- ما يفرقون به بين المرء زوجه, لكن بإذن الله ولهذا قال سبحانه: وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ (102) سورة البقرة. يعني بإذن الله الكوني القدري، فهذا يدل على أنه قد يقع منه مضرة، قد يحصل منه بسبب التفريق بين الرجل وزوجته، ولكن كثير من الناس قد يتوهمون هذا الشيء، ويظنوا أنه سحر وليس بسحر، ولكنها أوهام ووساوس، والمشروع في مثل هذا توقي السحر بالتعوذات الشرعية والأذكار الشرعية التي جعلها الله واقية منه، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة توقي ذلك بالأسباب الشرعية ومنها قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة وعند النوم، ومنها قراءة (قل هو الله أحد) و(قل أعوذ برب الفلق) و(قل أعوذ برب الناس) بعد كل صلاة وبعد الفجر والمغرب -ثلاث مرات- وعند النوم -ثلاث مرات- كل هذا من أسباب الوقاية من السحر ومن شر الشيطان، ومن ذلك -أيضاً- التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق صباحاً ومساءً -ثلاث مرات- أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ومن ذلك ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح وهو أن يقول صباحاً ومساءً: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) -ثلاث مرات- إذا قالها لم يضره شيء (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) -ثلاث مرات صباحاً وثلاث مرات مساءً- ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- من حديث عمر -رضي الله عنه- أن من قالها ثلاث صباحاً لم يضره شيء حتى يمسي, وإن قالها مساءً لم يضره شيء حتى يصبح، ومن ذلك أخذ ورقات سدر أخضر سبع ورقات تُدق وتجعل في ماء, ويقرأ فيها آية الكرسي و(قل يا أيها الكافرون) و(قل هو الله أحد) و(قل أعوذ برب الفلق)، و(قل أعوذ برب الناس)، وإذا قرأ الفاتحة فهذا حسن؛ لأن الفاتحة أم القرآن ولها شأن عظيم، وهي أفضل السور، ويقرأ في الماء -أيضاً- آيات السحر من سورة الأعراف ومن سورة طه, ومن سورة يونس، الأعراف يقول الله -جل وعلا-: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ* فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ* فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ (117-119) سورة الأعراف. وفي سورة يونس يقول سبحانه: وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ* فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ* فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ* وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (79-82) سورة يونس. ومن سورة طه يقول سبحانه: قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى* قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى* فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى* قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى* وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (65-69) سورة طه. وينفث –أيضاً- في الماء ويقول: (رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقماً) -ثلاث مرات- (اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي, لا شفاء إلا شفاءك شفاءً لا يغادر سقماً) يعني لا يترك سقماً، ويقول –أيضاً-: (بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس وعين كل حاسد، الله يشفيك بسم الله أرقيك) يسميه بسم الله أرقي فلانا، أو صاحب هذا الماء (بسم الله أرقه من كل شيء يؤذيه ومن شر كل نفس وعين كل حاسد الله يشفيه بسم الله أرقيه) يقول -ثلاث مرات- كل هذا حسن، وإذا قال أيضاً: (أعيذه بكلمات الله التامات من شر ما خلق) -ثلاث مرات- حسن، ثم يشرب من هذا الماء حسوات, ويتروش بالباقي يصب عليه الماء ..... للتروش ويتروش بالباقي، والغالب بإذن الله أنه يزول الأثر إن كان هناك سحر حقيقي يزول -بإذن الله-. وهكذا المحبوس عن زوجته ينفعه هذا العلاج أيضاً، يتورش به يشرب منه ثلاث حسوات، ويتروش بالباقي فإن زال الأثر وحصلت العافية فالحمد لله، وإلا يشرع له أن يعيد المسألة مرتين أو ثلاث أو أكثر حتى يزول الأثر من سحر أو حبسٍ عن الزوجة، والغالب أنه يزول في المرة الأولى، وقد يحتاج إلى مرةٍ ثانية وثالثة الحمد لله، العلاج بحمد الله ميسر، فأنا أنصح بهذا العلاج من ظن أنه مسحور أو أنه مصاب بعين أو محبوس عن زوجته والله -جل وعلا- جعل هذا من أسباب الشفاء -سبحانه وتعالى- وإذا قرأ على نفسه آية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين، ومسح على رأسه وصدره ووجهه عند النوم فهذا ينفع أيضاً، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا اشتكى قرأ في كفيه قل هو الله أحد والمعوذتين ينفث في كفيه -ثلاث مرات- يمسح في كل مرة على وجهه وصدره ورأسه، هذا ينفع بإذن الله، وإذا قرأ معها آية الكرسي فهي –أيضاً- من أسباب الشفاء، كل هذه أدعية شرعية من أصيب بشيء مما يكره من مرض أ وحبسٍ عن زوجة أو ظن أنه مسحور, أو وجد البغضاء بينه وبين زوجته فيستعمل هذا والغالب -بإذن الله- أن الله ينفعه بذلك، وليكن صادقاً في طلبه ما عند الله يعلم أن الله على كل شيء قدير، وأنه سبحانه هو الشافي والمعافي من كل سوء، وأنه المتصرف في عباده كيف يشاء فليحسن ظنه بربه، ويسأله سبحانه أن ينفعه بالأسباب ويضرع إليه -جل وعلا- وهو القائل سبحانه: وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ (102) سورة البقرة. فليضرع إلى الله صادقاً وليسأله أن يشفيه ويعافيه، وأن ينفعه بهذه الأسباب، وهو سبحانه الجواد الكريم القائل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ (186) سورة البقرة. وهو القائل سبحانه: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (60) سورة غافر. نسأل الله أن يوفق المسلمين جميعاً لما فيه رضاه, وأن يشفي مريضهم من كل سوء, وأن يوفقهم إلى كل ما ينفعهم في الدين والدنيا. جزاكم الله خيراً.