ما حكم من أنكر القياس

إمام مسجدنا لا يأخذ بالقياس, أي: بقول العلماء, وإنما يأخذ بظاهر الحديث عن الرسول- صلى الله عليه وسلم-، مثل: رفع اليدين عند التكبيرات في صلاة العيد, وقال: لم يرد حديث عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- برفع يديه في التكبيرات, وإنما العلماء استنبطوا ذلك وأخذوه بالقياس, مثل: الرفع عند تكبيرة الإحرام في الصلوات الأخرى, ما رأيكم في صحة هذا القول، وهل يجوز أن نأخذ بقول العلماء، أم بظاهر الحديث؟

الإجابة

ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يكبر أربع تكبيرات على الجنازة, فالسنة أن يكبر عليه أربع تكبيرات, في الأولى يقرأ الفاتحة, وفي الثانية يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يصلي في الصلاة, في الثلاثة يدعوا للميت اللهم اغفر لحينا وميتنا, وشاهدنا وغائبنا, وصغيرنا وكبيرنا, وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان, اللهم اغفر له وارحمه, وعافه واعف عنه, وأكرم نزله ووسع مدخله, وأغسله بالماء والثلج والبرد, ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس, اللهم أبدله داراً خير من داره, وأهلاً خيراً من أهله, اللهم أدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار كل هذا كان يدعوا به النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يكبر الرابعة ويسلم تسليمة واحدة, وكان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام التكبيرة الأولى في الصلوات كلها, أما في الجنازة فقد ثبت عن ابن عمر أنه كان يرفع في التكبيرات كلها, قال بعض أهل العلم: وهذا يدل على أنه تلقاه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن هذا لا يقال من جهة الرأي, ففعل ابن عمر-رضي الله عنه-ومن فعله من السلف يدل على أن هذا كان متوارثاً عندهم عن النبي-عليه الصلاة والسلام-؛ لأن هذه المسائل لا تقال من جهة الرأي, فالأفضل في هذا هو الرفع في جميع التكبيرات تكبيرات الجنازة, وهكذا تكبيرات العيد السبع الأولى والخمس الأخيرة في صلاة العيد, لما فعل ذلك بعض الصحابة دل ذلك على أنه من فعل النبي-صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه ليس من محلات الاجتهاد بل هذا مما يتعلق بالرفع يعني لا يتوهم فيه أنه من الرأي؛ لأنه لا مجال للرأي فيه بل الظاهر حمله على أنه تلقاه عن النبي -عليه الصلاة والسلام-, فالأفضل في هذا هو أنه يرفع يديه في جميع تكبيرات الجنازة, وفي جميع تكبيرات صلاة العيد هذا هو الأفضل كما فعل ذلك بعض السلف من الصحابة كابن عمر وغيره والخلاف في هذا بحمد لله يسير لكن هذا هو الأفضل, والعالم عليه أن يتحرى الحق من كتاب الله وسنة رسوله, هذا هو الواجب على أهل العلم أن يتحروا الحق من القرآن والسنة الصحيحة, ومما فعله أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم-, والسلف الصالح بعدهم, فإن الأدلة الشرعية في كتاب الله, وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -, ثم إجماع سلف الأمة, ثم قياس الصحيح الذي تتوافر فيه الشروط, فالجمهور على أن القياس الصحيح الذي تتوافر فيه الشروط يعتمد إذا لم يوجد دليل من الكتاب, والسنة, والإجماع, وهذه المسائل مسائل عبادة تتلقى عن الرسول-صلى الله عليه وسلم-وعن أصحابه ليس لمحل القياس, القياس في محل الأحكام في الفروع, أما العبادات فهي محل توقيف ما هي محل قياس, إنما هي توقيفية عن الله وعن رسوله, والصحابة إذا فعل الواحد منهم ما لا مجال للرأي فيه, وليس مما يتلقى عن الماضين فإن هذا يكون له حكم الرفع؛ لأن الصحابة تلقوا دينهم وتلقوا عباداتهم عن نبيهم-عليه الصلاة والسلام- فإذا لم يوجد نص من الكتاب, أو السنة, ولكن وجد من فعل الصحابة في المسائل التي لا مجال للرأي فيها, وليس الراوي لها ممن يتلقى عن الأمم الماضية, فإن هذا العمل يكون يعطى الرفع. جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ