معنى: لا تبع ما ليس عندك

السؤال: سائل يسأل عن رجلين اتفقا على أن يشتري أحدهما سلعة من السوق، ثم يبيعها لصاحبه دينا بثمن يزيد على ثمنها الحالي، وتعاقدا على ذلك، ولم يشترها من السوق حتى ضمن له أن يأخذها بما اتفقا عليه، وأكد له أنه لن يتخلى عنها بعد أن يشتريها صاحبه من أجله، فهل يحل هذا العقد أم لا؟

الإجابة

الإجابة: روى حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، يأتيني الرجل، فيسألني عن البيع ليس عندي ما أبيعه منه ثم أبتاعه من السوق، فقال: "لا تبع ما ليس عندك" (1) (رواه الخمسة، وصححه الترمذي، وترجم عليه المجد في المنتقى)، فقال: (باب النهي عن بيع ما لا يملك، ليمضي، فيشتريه، ويسلمه)، وفي معناه حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك" (2) (صححه الترمذي)، ومعنى: "لا تبع ما ليس عندك"، أي: ما ليس في ملكك، وكذا ما ليس حاضراً عندك، وما ليس في حوزتك، وقدرتك، كالعبد الآبق، ولو كان مملوكا لك، قال ابن القيم: لما في ذلك من الغرر؛ لأنه إذا باع ما ليس عنده، فليس على ثقة من حصوله؛ لأنه قد يحصل وقد لا يحصل؛ فيكون فيه غرر. وقال الوزير أبو المظفر في (الإفصاح) (3): اتَّفَقُوا على أنه لا يجوز بيع ما ليس عنده ولا في ملكه ثم يمضي فيشتريه له.أ.ه. وأنه عقد باطل، قال الشيخ تقي الدين: إنما يفعله بقصد التجارة والربح، فيبيعه بسعر، ويشتريه بأرخص، ويلزمه تسليمه في الحال، وقد يقدر عليه، وقد لا يقدر عليه، وقد لا تحصل له تلك السلعة إلا بثمن أغلى مما تسلف، فيندم، وإن حصلت بسعر أرخص ندم المسلف إذا كان يمكنه أن يشتريه هو بذلك السعر، فصار هذا من نوع الميسر والقِمار والمخاطرة.أ.ه. وقال البغوي (4): النهي في هذا الحديث عن بيوع الأعيان التي لا يملكها.أ.ه.

أما بيع شيء موصوف في ذمته، فيجوز فيه السلم بشروطه، فظاهر النهي تحريم ما لم يكن من الأعيان في ملك الإنسان، ولا داخلا تحت مقدرته سوى الموصوف في الذمة.

إذا عُرِف هذا، فالمسألة التي سئل عنها داخلة في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تبع ما ليس عندك" (5)، فينهى عن ذلك لما تقدم من كلام أهل العلم على الحديث. والله أعلم.

___________________________________________

1 - أحمد (3/402)، وأبو داود (3503)، والترمذي (1232)، والنسائي (كبرى) (4/39)، (مُجتبى) (7/289)، وابن ماجه (2187)، وصححه الشيخ الألباني في (الإرواء) (1292).
2 - أبو داود (3504)، والترمذي (1234)، والنسائي (كبرى) (4/ 39)، (مجتبى) (7/ 288).
3 - (1/234).
4 - (شرح السنة) (8/ 140).
5 - سبق تخريجه.