تفسير: {إنما يعمر مساجد الله من آمن...}

السؤال: ما تفسير قول الله تعالى: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخشَ إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين}؟

الإجابة

الإجابة: هنا بيَّن الله سبحانه وتعالى أن عمارة المساجد باستغلالها في العبادة واستغلالها في طاعة الله سبحانه وتعالى لا يصدر إلا من مؤمن يريد وجه الله ويبتغى الدار الآخرة، فلذلك قال: {إنما} التى هي أداة حصر، {إنما يعمر مساجد الله}، ويدخل في ذلك مساجد الجماعات والمصليات وغيرها: {من آمن بالله واليوم الآخر}، فالذي آمن بالله هو الذي يعرفه ويريد عبادته، والمؤمن باليوم الآخر هو الذي يحتسب ويرجو الأجر فيما يعمل، {وأقام الصلاة} لأنها التي تعمر بها المساجد، {وآتى الزكاة} لأن الزكاة أخت الصلاة، ولذلك إنما يتركها المشركون، ولهذا قال الله تعالى: {وويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون}، وامتدح الذين يؤدونها فقال تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة وهم بآياتنا يؤمنون * الذين يتبعون الرسول}، في هذه الآية يذكر الأمر بالزكاة وحدها، وهذا الموضع الوحيد في القرآن الذي ذكر فيه الأمر بالزكاة وحدها دون أن يرتبط ذلك بالصلاة، {ولم يخشى إلا الله} فهذا من تمام الإيمان بالله لأن الإيمان به يقتضي خشيته، فهو أحق أن يُخشى: {فعسى أولئك} و{عسى} من الله واجب، معناه يقارب، {فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين}، فإنهم يُهدون لذلك، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن الترمذي أنه قال: "إذا رأيتم الرجل يرتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان"، لأن الله تعالى يقول: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله} لكن هذا الحديث فيه ضعف.

ومع ذلك فالمقصود بارتياد المساجد والمقصود بعمارتها ما كان مقصوداً به وجه الله، ولا يُقصد بذلك ما قُصد به الرياء والتسميع، أو ما كان عادةً للإنسان دون أن يحتسب فيه وجه الله.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.