حكم استخدام المفارش المصنوعة من الحرير، وامتلاك الملاعق الذهبية دون استخدام

السؤال: لدينا بعض المفارش المصنوعة من الحرير نستخدمها، لكننا لا نستخدم الحرير في الملابس، فهل هذه المفارش حرام؟ ونمتلك بعض الملاعق الذهبية ولا نستخدمها، فهل في امتلاكها شيء؟

الإجابة

الإجابة:

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإنه يحرم على الرجال استعمال الحرير في اللباس، وفي الجلوس، والصلاة عليها.. إلى غير ذلك؛ لما روى حذيفة رضي الله عنه قال: "نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه" [متفق عليه]، وليس عند مسلم النهي عن الجلوس.
وفي رواية للبخاري: .. وقال: "هن لهم في الدنيا، وهي لكم في الآخرة".
وروى البيهقي وابن أبي شيبة عن سعد بن أبي وقاص قال: "لأن أقعد على جَمر الغَضَا أَحبُّ إليَّ من أن أقعد على مجلس من حرير".

لكن يجوز للنساء لبس الحرير وافتراشه وسائر استعمالاتهن له؛ لأن الخطاب في الحديث للذكور ولا يتناول النساء على الراجح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لأناثهم" [رواه الترمذي].

قال الإمام النووي: "فيحرم على الرجل استعمال الديباج والحرير في اللبس، والجلوس عليه، والاستناد إليه، والتغطي به، واتخاذه ستراً، وسائر وجوه استعماله، ولا خلاف في شيء من هذا إلا وجهاً منكراً حكاه الرافعي.. هذا مذهبنا، فأما اللبس فمجمع عليه، وأما ما سواه فجوَّزه أبو حنيفة، ووافقنا على تحريمه مالك وأحمد ومحمد (يعني ابن الحسن) وداود وغيرهم".


وعليه: فيجوز استعمال المفارش المصنوعة من الحرير الطبيعي للنساء، وهو محرم على الرجال.


أما اقتناء الملاعق الذهبية فإن العلماء أجمعوا على تحريم الأكل بها؛ كما نقله النووي وغيره، واحتجوا بحديث الصحيحين: "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة".

أما امتلاكها فقط من غير استعمال، فإنه وإن لم نجد دليلاً صحيحاً يفيد تحريمه - ما دمتم تؤدون زكاتها إذا بلغت النصاب - إلا أنه مما لا ينبغي؛ لأنه من أعمال المترفين، ومن السَّرف والخُيَلاء، مع ما يخشى منه من كسر قلوب الفقراء؛ فالله تبارك وتعالى نهى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم عن كل ما يؤدي إليهما؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا، في غير مَخِيلَة ولا سَرَف؛ إن الله يحب أن تُرى نعمتُه على عبده" [رواه أحمد وابن ماجه عن عبد الله بن عمرو].
وقال ابن عباس: "كُلْ ما شئت، والبس واشرب ما شئت ما أخطأتك اثنتان: سَرَف أو مَخِيلَة" علقه البخاري.


هذا؛ وننبه الأخت السائلة إلى أنه يجب على الأغنياء أن يراعوا حال الفقراء؛ ففي حديث ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس المؤمن بالذي يشبع، وجاره جائع إلى جنبه" [رواه عبد بن حميد وأبو يعلى في "مسنديهما"، والبيهقي في "شعب الإيمان"]، وعليهم أن ينفقوا من أموالهم في سبيل الله؛ فإن كثيراً من المسلمين يموتون جوعاً ولا يجدون ما يطعَمون، وقد دلت السنة على وجوب المواساة؛ فعن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن في سفرٍ مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجلٌ على راحلة له قال: فجعل يصرف بصره يميناً وشمالاً؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان معه فضل ظهرٍ، فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زادٍ، فليعد به على من لا زاد له"، قال: فذكر من أصناف المال ما ذَكَر حتى رأينا أنه لا حق لأحدٍ منا في فضل [رواه مسلم وأبو داود]،، والله أعلم.