لا يشير إلى المقام عند قول: هذا مقام العائذ بك من النار

السؤال: سائل يسأل عن معنى الدعاء المأثور الذي يدعو به الطائف أثناء طوافه؛ وهو قوله: "وهذا مقام العائذ بك من النار"، هل المراد به مقام إبراهيم عليه السلام؟ وأن الطائف يشير إليه إذا مر به أثناء طوافه أم أنه يقصد نفسه بذلك، ويسأل ربه أن يعيذه من النار؟

الإجابة

الإجابة: قال في (شرح الغاية): ومما يدعى به بعد الركعتين خلف المقام: "اللهم إني عبدك، وابن عبدك، أتيتك بذنوب كثيرة، وأعمال سيئة، وهذا مقام العائذ بك من النار، فاغفر لي؛ إنك أنت الغفور الرحيم" (1).

قال ابن الصلاح: قوله: "هذا مقام العائذ بك" كلام يقوله المستعيذ، ويعني بالعائذ نفسه، وهو كما يقال: هذا مقام الذليل، وليس كما توهمه بعض مصنفي المناسك المشهورة، من أنه إشارة إلى مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهذا غلط فاحش وقع فيه بعض عوام مكة، رأيت منهم من يطوِّف بعض الغرباء، ويشير إلى مقام إبراهيم عند انتهائه إلى هذه الكلمة من دعائه.

وقال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جاسر في كتابه (مفيد الأنام): قال ابن حجر الهيتمي: ونقل الرفاعي عن أبي حامد أنه عند قوله: "وهذا مقام العائذ بك من النار" يشير إلى مقام إبراهيم عليه السلام، وأقره، لكن نقل الأذرعي عن غيره أنه يشير إلى نفسه واستحسنه، بل قال ابن الصلاح: إن الأول غلط فاحش، وفيه نظر؛ لأنه إذا استحضر استعاذة خليل الله تعالى، حمله ذلك على غاية من الخوف والإجلال والسكينة والوقار، وذلك هو المطلوب في هذا المحل، فكان أبلغ وأولى، فتخصيص هذا الدعاء بمقابلة المقام يدل على أنه يشير إليه. انتهى كلام الهيتمي.
ففيما قال ابن حجر الهيتمي -قلت: الصحيح ما قاله ابن الصلاح وما استحسنه الأذرعي- وما نقله الرفاعي عن أبي حامد نظر ظاهر؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الخلفاء الراشدين، ولا عن سائر الصحابة أجمعين، ولا عن التابعين، ولا عن أحد من العلماء المعتبرين الإشارة إلى شيء حين الطواف بالبيت سوى الحجر الأسود، وعند بعض الفقهاء: والركن اليماني. فالإشارة في الطواف إلى مقام إبراهيم ليس مشروعا، بل هو فعل مبتدع. والله أعلم.أ.ه.

___________________________________________

1 - (مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى) (2/400).