الطقوس والمدائح

يوجد عندنا في كل يوم جمعة أو اثنين حلقة ذكر يمدحون فيها الله والأنبياء والرسل، ثم يضربون أنفسهم بالسيوف أو بالأسياخ الحديد، أو يدخلون أنفسهم في النار، ويقولون: إن في هذا الذي يفعلوه سرٌ بينهم وبين السيد، أي الشيخ الذي يأخذوا عليه هذه الطريقة، وأنه لا يصيبهم أذى، أيضاً يدفعوا إلى السيد الخرفان والهدايا والفلوس، ويذبحون له الذبائح، ويقولون: هذا إلى الشيخ عبد القادر، أو الدسوقي، أو الشيخ فلان؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد: هذا السؤال له شأن خطير، وهو واقع فيما بلغنا من أناس كثير، وهذا من أمر طائفة من طوائف الصوفية، وهو عمل المنكر، أما ذكر الله والصلاة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هذا أمر مطلوب، هذا أمر مشروع، الله جل وعلا أمر عباده بالذكر وبالصلاة على نبيه -صلى الله عليه وسلم- كما قال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) (41-42 الأحزاب) وقال عز وجل: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ) الآية (190-191 آل عمران)، ويقول جل وعلا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (56 الأحزاب)، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشراً) فإن كان ذكرا لله وتسبيحه وتهليله وتحميده وتكبيره واستغفاره فهذا أمر مطلوب، وهكذا الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، كله طيب، لكن عملهم هذا، جلسة حلقات يفعلون بها هذا العمل، من ضربهم نفوسهم بالسيوف وغيرها من الآلات التي يضربون بها أنفسهم، ودخولهم النار كل هذا منكر، وكل هذا شعوذة، وتلبيس وخداع، وهذا عمل منكر ما فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه، وما فعله السلف الصالح من الأئمة الأربعة مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة، وغيرهم من أئمة الإسلام، كالليث بن سعد والثوري وسفيان بن عيينة وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة الإسلام، هذا مما أحدثه الناس، وهو عمل منكر يجب الحذر منه، ويجب أن ينصحوا ويوجهوا إلى الخير، وإذا كان شيخهم أخذ عليهم هذا فقد أخطأ شيخهم، فعليهم أن يرجعوا عن هذا الخطأ، وأن لا يقلدوا شيخهم بالباطل، الإمام المتبع هو رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهو إمام المسلمين وهو قائدهم، وهو الواجب الإتباع كما قال الله: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) (7 الحشر)، وقال عز وجل: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (31 آل عمران)، وقال سبحانه: (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ) (80 النساء)، فعلينا أن نطيع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونتبع ما جاء به في كتابه العظيم، والسنة المطهرة. أما عمل هؤلاء الذين يُلبِّسون على الناس ويخدعون الناس بأعمالهم القبيحة، من ضربهم أنفسهم بالسياط أو بالسلاح أو بغيرها أو بالعصي أو بغير ذلك كله منكر، وهكذا دخولهم النار منكر أيضاً، والنار لا يجوز دخولها، ولا يجوز التلبيس على الناس بهذا الأمر، وقد يتعاطون أشياءً يجعلونها في أجسادهم من أنواع مضادات النار فيلبسون على الناس، ويزعمون أنهم بهذا أولياء! نعم هم من أولياء الشيطان، وإنما أولياء الله أهل التقوى والإيمان واتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال جل وعلا: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ) (62-63 يونس)، ويقول الله جل وعلا: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ..) (100 التوبة)، هؤلاء ما اتبعوهم بإحسان، زادوا عليهم بدعاً كثيرة، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من أحدث في أمرنا -أي في ديننا- ما ليس منه فهو رد) يعني مردود، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أما إهداؤهم الخرفان والنقود وغيرها من الأموال لشيخهم الذي يتقربون إليه ويذبحون له ويستغيثون به هذا من الشرك الأكبر، طلب الأموال والغوث والمدد والتقرب إليهم بالذبائح والنذور هذا من الشرك الأكبر بإجماع المسلمين، بإجماع أهل العلم والإيمان من سلف الأمة، ولا عبرة بخلاف من تأخر عنهم في أهل الزمان ممن جهل دين الله، ورأى أن الشرك دين قربة هؤلاء لا عبرة بهم وليس عليهم معول. فالمقصود أن دعوة الأموات والاستغاثة بالأموات أو بالجن أو بالملائكة وطلب المدد من الرفاعي أو النبي - صلى الله عليه وسلم - أو العيدروس أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو الشيخ أحمد البدوي أو الحسين أو غير ذلك، كل هذا شرك بالله، من طلبهم واستغاث بهم ونذر لهم وطلب منهم المدد عند قبورهم أو بعيداً من قبورهم فهذا من الشرك الأكبر، وهو من عبادة غير الله، فيجب الحذر من ذلك، ويجب تحذير الناس من هؤلاء الضالين حتى يتوب الله عليهم. نسأل الله لنا ولهم الهداية.