القول بإن النبي مخلوق من نور وليس من تراب قول باطل

نسمع في بعض الخطب عندنا -خطب الجمعة- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مخلوق من نور وليس من تراب كسائر الناس ، نسأل عن صحة هذا الكلام؟

الإجابة

هذا كلام باطل، وليس له أصل، الله خلق نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- مثل ما خلق بقية البشر، من ماءٍ مهين، من ماء أبيه عبد الله وماء أمه آمنة، كما قال الله -جل وعلا- في كتابه العظيم: ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ[السجدة: 8] لما خلق آدم من الطين قال: ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ[السجدة: 8] يقول سبحانه: ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ[السجدة: 6-8] فمحمد -صلى الله عليه وسلم- من نسل آدم، وجميع نسل آدم كلهم من سلالة من ماء مهين، وهو منهم. أما ما يروى أنه خلق من النور فهذا لا أصل له، وهو حديث موضوع مكذوب باطل لا أصل، وبعضهم يعزوه إلى مسند أحمد عن جابر وهذا لا أصل له، بعضهم يعزوه إلى مصنف عبد الرزاق وهذا لا أصل له. فالمقصود أنه حديث باطل لا أصل له عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما خلقه الله مما خلق منه بني آدم، وخلق منه الأنبياء جميعاً، وهو من ماء الرجل وماء المرأة، هذا هو الأمر المعلوم. وأما ما يدعيه بعض الغلاة وبعض الجهلة أنه خلق من النور فهذا باطل لا أصل له، وهو نور -صلى الله عليه وسلم- هو نور جعله الله نوراً للناس لما أوحى الله إليه من الهدى من الكتاب العزيز والسنة المطهرة، كما قال سبحانه: قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ[المائدة: 15] فهذا النور هو محمد -صلى الله عليه وسلم-، يعني ما أوحى الله إليه من النور، سماه نوراً لأن الله جعله نوراً لما أوحى إليه من الهدى، كما قال في الآية الأخرى (سراجاً منيراً)[الأحزاب: 46] إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا[الأحزاب: 45-46]، فهو سراج منير وهو نور لما أعطاه الله من الوحي العظيم من القرآن السنة فإن الله أمر بهما الطريق وأوضح بهما الصراط المستقيم، وهدى بهما الأمة إلى الخير، فهو نور وجاء بالنور عليه الصلاة والسلام، وليس معناه أنه خلق من نور، لا، خلق من ماء مهين، لكنه نور بما أوحى الله إليه من الهدى وما أعطاه الله من العلم الذي علمه الناس عليه الصلاة والسلام، فالرسل نور والعلماء نور، علماء الحق بما أعطاهم الله من الهدى فهم نور للعالم بما اقتبسوه بما اقتبسوه مما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام.