الإجابة:
الحمد لله
الصيام مع كونه - في الأساس - عبادة شرعية ، وفريضة إلهية ، فإنه مع
ذلك من أنفع الأدوية ، وأنجع الوسائل لتقوية الصحة والبدن معا ، وهذا
بشهادة الأطباء الكفرة ، فضلا عن المسلمين . فالصوم يساهم مساهمة
فعالة في علاج الاضطرابات النفسية ، وتقوية إرادة الصائم ، ورقة
مشاعره ، وحبّه للخير ، والابتعاد عن الجدل والمشاكسة والميول
العدوانية ، وإحساسه بسمّو روحه وأفكاره . وبالتالي تقوية وتدعيم
شخصيته ، وزيادة تحمّلها للمشاكل والأعباء ، ومما لا شك فيه أنّ ذلك
ينعكس بصورة تلقائية على صحّة الإنسان .
هذا من جانب ، ومن جانب آخر فالصوم يساهم في علاج الكثير من أمراض
الجسم ، كأمراض الجهاز الهضمي ، مثل التهاب المعدة الحاد ، وتهيج
القولون ، وأمراض الكبد ، وسوء الهضم ، وكذلك في علاج البدانة وتصلّب
الشرايين ، وارتفاع ضغط الدّم ، وخناق الصدر ، والربو القصبي ،
وغيرها.
وقد كتب الطّبيب السويسري بارسيلوس : ( إن فائدة الجوع في العلاج قد
تفوق بمرّات استخدام الأدوية ) ، أمّا الدكتور هيلب ، فكان يمنع مرضاه
من الطّعام لبضعة أيام ، ثمّ يقدّم لهم بعدها وجبات غذائية خفيفة .
وبشكل عام فإنّ الصوم يساهم في هدم الأنسجة المتداعية وقت الجوع . ثمّ
إعادة ترميمها من جديد عند تناول الطّعام ، وهذا هو السبب الذي دعا
بعض العلماء ومنهم باشوتين ، أن يعتبروا أنّ للصوم تأثيراً معيداً
للشباب .
ويقول " توم برنز" من مدرسة كولومبيا للصحافة :" إنني أعتبر الصوم
تجربة روحية عميقة أكثر منها جسدية ، فعلى الرغم من أنني بدأت الصوم
بهدف تخليص جسدي من الوزن الزائد إلا أنني أدركت أن الصوم نافع جدا
لتوقد الذهن ، فهو يساعد على الرؤية بوضوح أكبر ، وكذلك على استنباط
الأفكار الجديدة وتركيز المشاعر ، فلم تكد تمضي عدة أيام من صيامي في
منتجع "بولنج" الصحي حتى شعرت أني أمر بتجربة سمو روحي هائلة "
وطبيعي أن يسبب الصوم ضرراً ومشقة زائدة لبعض الناس في حالات معينة ،
وقد أعفاهم الله تعالى من الصيام كالمريض والمسافر .
كما أنّ فوائد الصوم المثلى تكون بالالتزام بآدابه ، ومنها تأخير
السحور ، وتعجيل الفطور ، وعدم الإسراف في الطّعام كمّاً وكيفاً ،
وتجنّب الإسراف في تنويع الأطعمة . وتقول دائرة المعارف البريطانية :
" إن أكثر الأديان قد فرضت الصيام وأوجبته ، فهو يلازم النفوس حتى في
غير أوقات الشعائر الدينية ، يقوم به بعض الأفراد استجابة للطبيعة
البشرية " وفي القرن العشرين ظهر عدد من الكتب الطبية في أمريكا
وأوروبا تتحدث عن فوائد الصوم الطبي ، فكان هناك " التداوي بالصوم "
لشلتون . وكتاب " الصوم الطبي : النظام الغذائي الأمثل " لآلان كوت ،
و " الصوم أكسير الحياة " لهنرك تانر ، و " العودة إلى الحياة السليمة
بالصوم الطبي " للوتزنر .
وفي الصيام فائدة عظيمة لكثير من مرضى القلب ، وذلك لأن 10 % من كمية
الدم التي يدفع بها القلب إلى الجسم تذهب إلى الجهاز الهضمي أثناء
عملية الهضم ، وتنخفض هذه الكمية أثناء الصوم حيث لا توجد عملية هضم
أثناء النهار ، وهذا يعني جهدا أقل وراحة أكبر لعضلة القلب . كما أن
الصيام يفيد في علاج الأمراض الجلدية ، والسبب في ذلك أنه يقلل نسبة
الماء في الدم فتقل نسبته بالتالي في الجلد ، مما يعمل على :
- زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والأمراض المعدية الجرثومية
.
- التقليل من حدة الأمراض الجلدية التي تنتشر في مساحات كبيرة في
الجسم مثل مرض الصدفية .
- تخفيف أمراض الحساسية والحد من مشاكل البشرة الدهنية.
- مع الصيام تقل إفرازات الأمعاء للسموم وتتناقص نسبة التخمر الذي
يسبب دمامل وبثورا مستمرة .
هذه بعض فوائد الصوم الصحية ، وبه تعلم أن ما يقول ذلك الشيوعي
الملحد لا أساس له من الصحة .
مع أننا نصوم امتثالاً لأمر الله تعالى لنا بالصيام في قوله : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ
عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {البقرة/183 ولو أمرنا الله تعالى بقتل
أنفسنا لفعلنا ذلك إرضاء لربنا جل وعلا ، ولكننا نؤمن إيماناً جازماً
أنه سبحانه لن يأمرنا إلا بما فيه مصلحتنا في الدنيا والآخرة .