وصف الأمة بالأمية

السؤال: كثيراً ما نقرأ في الصحف ونرى إعلانات في الشوارع تشجب الأمية وتعدها من علامات التخلف والله تعالى وصف هذه الأمة بالأمية فقال: {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم}، فأرجو أن توضحوا ذلك؟

الإجابة

الإجابة: كانت أمة محمد صلى الله عليه وسلم من العرب والعجم لا يقرءون ولا يكتبون، ولهذا سموا أميين. وكان الذين يكتبون ويقرءون منهم قليلين جداً بالنسبة إلى غيرهم وكان نبينا محمد لا يقرأ الكتابة ولا يكتب كما قال الله سبحانه: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ}، وكان ذلك من دلائل صدق رسالته ونبوته عليه الصلاة والسلام، لأنه أتى إلى الناس بكتاب عظيم أعجز به العرب والعجم أوحاه الله إليه ونزل به عليه الروح الأمين جبرائيل عليه الصلاة والسلام وأوحى إليه سبحانه السنة المطهرة وعلوماً كثيرة من علوم الأولين، وأخبره سبحانه بأشياء كثيرة مما كان في غابر الزمان ومما يكون في آخر الزمان ومما يكون في يوم القيامة، كما أخبره بأحوال الجنة والنار وأهلهما وكان ذلك مما فضله الله به على غيره وأرشد به الناس إلى منزلته العالية مع وصفه بالأمية، لأن ذلك من أوضح الأدلة على نبوته ورسالته ولهذا قال سبحانه: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ}.

أما وصف الأمة بالأمية فليس المقصود منه ترغيبهم في البقاء عليها وإنما المقصود الأخبار عن واقعهم وحالهم حين بعث الله إليهم محمداً صلى الله عليه وسلم، وقد دل الكتاب والسنة على الترغيب في التعلم والكتابة والخروج من وصف الأمية فقال الله سبحانه: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}، وقال سبحانه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} الآية. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقاً يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقاً إلى الجنة" (رواه الإمام مسلم في صحيحه). وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: "من يرد الله به خيراً يفقه في الدين" (متفق على صحته)، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وبالله التوفيق.



مجموع فتاوى و رسائل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز. المجلد السابع.