هل يجوز المسح على الجوارب الخفيفة؟

السؤال: هل يمسح على الجوارب الخفيفة التي تسمى بـ: "سوستات"؟

الإجابة

الإجابة: إن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين وهما من جلد مخيط.

وقد اختلف في المسح على الجوربين، فذهب الحنابلة في الرواية المشهورة عندهم إلى جواز المسح على الجوربين وقال به بعض الشافعية، واستدلوا بما أخرجه الترمذي في السنن من حديث عروة عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين، وهذا الحديث مُعلل بأربع علل لدى أهل الحديث.

العلة الأولى: أن المغيرة بن شعبة إنما تُعرف عنه رواية المسح على الخفين كما في حديث غزوة تبوك وهو في الصحيحين ولا يُعرف عنه رواية المسح على الجوربين.

والعلة الثانية: أن فيه قوله: "على الجوربين والنعلين"، فهل مسح عليهما معاً أو على الجوربين وحدهما ثم على النعلين وحدهما؟ لا يمكن أن يتبين ذلك وهذه علة في المتن.

والعلة الثالثة: أن عروة غير منسوب، فيمكن أن يكون عروة بن المغيرة بن شعبة وقد مات أبوه وهو صغير فحديثه عنه منقطع، ويمكن أن يكون عروة بن الزبير وقد كان كبيراً في حياة المغيرة لكن لا تُعرف له رواية عنه.

والعلة الرابعة: أن المسح هنا على الجوربين مقتضٍ للبس الجوربين ولم يُروَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لبس جوربين، إنما عُرف عنه لبس النعال السبتية ولبس الخفاف، هذا الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما لبس الجوارب فلم يُعرف عنه.

ومع ذلك فإن بعض أصحابه مسحوا على الجوارب، فقد جاء أنس بن مالك يلبس جوربين من العراق إلى المدينة فمسح عليهما، فأنكر عليه أبو طلحة الأنصاري وقال: أعراقية هذه؟ أي مسألة عراقية جئت بها من العراق، فقال: وهل هما إلا خفان من صوف؟ وهذا قياس من أنس قال: "ما هما إلا خفان من صوف" أي مثل الخفين من الصوف، ومع ذلك فالترمذي عندما أورد هذا الحديث في السنن قال: وبهذا أخذ كثير من أهل العلم إذا كان الجورب ثخيناً، فيشترط أن يكون الجورب ثخيناً أي غليظاً حتى ينوب مناب الخف، أما الجورب الخفيف جداً فإنه لا يمكن أن يمشي به الإنسان، لا يقي حراً ولا شوكاً فلذلك لا يمكن المسح عليه لأنه لا يمكن أن يقاس على الخفاف.

وأصلاً: القياس على الرخص محل خلاف، وأنتم تعلمون أن المسح على الخفين هو رخصة، والرخص والتقديرات والكفارات اختلف فيها أهل العلم هل يدخلها القياس أم لا؟ ومذهب جمهور أهل العلم أنها لا يدخلها القياس أصلاً، فلذلك الاحتياط أن لا يمسح الإنسان عليهما إلا من مرض، وإذا مرض عليهما لم يكن ذلك من المسح على الجوربين وإنما كان من المسح على الجبائر.

والمسح على الجبائر محل اتفاق بين أهل العلم، فلذلك إذا كان الإنسان يجد ألما في رجليه أو يجد الدبيب في الدم الذي يسميه الناس ب: "السوارق" فهذا النوع يبيح له المسح على الجوربين ولو كانا خفيفين لأنه بمثابة المسح على الجبائر، لا المسح على الجوارب.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.