حكم المتهاون في الصلاة

ماذا يقول الشيخ عن الصلوات

الإجابة

الصلاة أمرها عظيم، وفي رمضان أشد وأعظم، فإذا كانت في حق المسلمين فريضة في كل وقت وتركها كفر وضلال وإن لم يجحد وجوبها كما تقدم في أصح قولي العلماء والتكاسل عنها من صفات أهل النفاق ففي رمضان يكون أكثر، في رمضان يكون الأمر أعظم، ويكون الإثم أكثر، إذا تهاون بها في رمضان صار الإثم أكبر، وإذا تركها بالكلية مثل ما تقدم لا صوم له لأنه يكفر بتركها كفراً أكبر نعوذ بالله، لما تقدم في الأحاديث نسأل الله السلامة. ومن هذا البلاء ما يفعله بعض الناس من النوم عن صلاة الفجر ولا يقوم إلا للعمل، هذا -لا حول ولا قوة إلا بالله- لا يهمه إلا أمر دنياه فقد أضاع الفريضة العظيمة، فإذا تعمد ذلك هو داخل في من حُكم بكفره؛ لأنه تعمد ترك الفريضة إلى الضحى إلى بعد طلوع الشمس فيكون بهذا قد تعمد تركها بالكلية فيعمه الحديث: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، ولا عبرة في كون الأكثرين من المتأخرين من العلماء والمشهورين قالوا بأنه كفر أصغر لا عبرة بهذا، العبرة بالأدلة، العبرة بالنصوص، ومرد الناس النصوص، كما قال الله سبحانه: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ.. (59) سورة النساء، والتعلق بالرخص يفضي بالإنسان إلى ترك دينه بالكلية. فالواجب على المؤمن أن يحذر الرخص التي لا وجه لها ولا دليل عليها. والواجب عليه أن يأخذ لدينه بالحيطة وأن يحرص على سلامة دينه، ولا شك أن الصلاة أعظم واجب وأعظم فريضة بعد الشهادتين، فإذا تساهل بها فأي شيء عنده بعد ذلك؟!! ولهذا روى مالك رحمه الله عن نافع قال: كان عمر يبعث إلى عماله (أمراءه) ويقول لهم: (إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع)، وروى الإمام أحمد في المسند بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة يوماً بين أصحابه فقال: (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهناً ونجاة يوم القيامة, ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف)، وهذا وعيد عظيم، ولم يقل إذا جحد وجوبها، قال بعض أهل العلم عند هذا الحديث: إنما يحشر مضيع الصلاة مع فرعون، وهامان وزير فرعون، وقارون (التاجر المعروف) في بني إسرائيل، وأبي ابن خلف التاجر في أهل مكة من كفار قريش، إنما يحشر مضيع الصلاة مع هؤلاء؛ لأنه إن ضيعها من أجل الرئاسة والملك والإمارة شابه فرعون الذي طغى وبغى بسبب الرئاسة، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة! وإن ضيعها بأسباب الوظيفة والوزارة شابه هامان وزير فرعون الذي طغى وبغى بأسباب وظيفته، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، ولا تنفعه هذه الوظيفة ولا تجيره من النار، وإن ضيعها بأسباب المال والشهوات أشبه قارون تاجر بني إسرائيل الذي قال الله فيه في كتابه العظيم: إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ.. الآية (76) سورة القصص، وقال بعده: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ.. (81) سورة القصص، فهذا الرجل شغل بأمواله وشهواته وعصى موسى عليه الصلاة والسلام، واستكبر عن اتباعه وبغى، فصارت العاقبة أن خسف الله به الأرض وبماله جميعاً خسف الله به وبداره الأرض، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة، عقوبة عاجلة غير عقوبة النار، نعوذ بالله. فالذي ضيع الصلاة بأسباب المال والشهوات يكون شبيهاً بقارون فيحشر معه إلى النار يوم القيامة. والرابع الذي ضيعها بأسباب التجارة والبيع والشراء والأخذ والعطاء شغل بالمعاملات والأخذ والعطاء والنظر في الدفاتر وماذا على فلان وماذا أدى فلان حتى ضيع الصلوات فهذا أشبه أبي بن خلف تاجر أهل مكة من الكفرة فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، نعوذ بالله، وهذا لا شك أنه وعيد عظيم، ويدل على كفر من ضيعها نعوذ بالله.