الإجابة:
كل إنسان رجلاً كان أو امرأة، قد أودع الله تعالى فيه طاقة هائلة لا
يمكنه أن يتصور مقدارها، ولكن بينه وبينها حجاب إذ استطاع أن يتجاوزه،
أمكنه أن يفجر كوامن طاقته على قدر ما يوفقه الله إليه، ولكن عليه
بخطوتين:
أولاهما: اللجوء إلى الله تعالى، واستفتاح الخير منه، ولهذا كان النبي
صلى الله وسلم يرشد إلى أن يقول من يدخل المسجد "اللهم افتح لي أبواب رحمتك"، لأن المسجد
بيت الله تعالى، والداخل فيه ضيف الله تعالى، فهناك ينزل الله تعالى
مكرمته لضيوفه، وذلك بأن يفتح لهم أبواب رحمته، فلا تفتح رحمة إلا
الله فاتحها، ولا يغلق باب خير إلا والله تعالى صارفه من عبد إلى
سواه، سبحانه بيده الخير كله، وله الملك كله ،وإليه يرجع الأمر كله
علانيته وسره
الخطوة الثانية: أن يستثمر ما يتميز به من المواهب التي منحه الله
إياها في طاعة الله تعالى، ويتقرب بها إلى الله تعالى، وهذا هو أول
خيط النجاح، فمثلا كون المرأة خجولة أمر محمود ليس مذموماً، فالحياء
خير كله، وكونها تحب الوحدة، وتكره مخالطة الناس هو أيضاً يمكن أن
يتحول إلى أكبر مورد من موارد النجاح، فالخلوة لذكر الله تعالى،
والعبادة، وتلاوة القرآن، أيسر على من لا يحب مخالطة الناس، ولهذا
ينبغي أن تستغل هذه الناحية في الخير، فيكون كما أخبر النبي صلى الله
عليه وسلم عن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم
من: "ذكر الله خالياً ففاضت عيناه".
وإذا فتح الله على العبد باباً من أبواب الخير حبب إليه فيه الإيمان،
وزينه في قلبه، وتعلق قبله به، وعاش في رحاب الإيمان، يتشوق إلى ليل
يخلو فيه بربه، ويتنزل على قلبه من الألطاف الإلهية، والمنح الربانية،
ومن حلاوة الإيمان، وانشراح الصدر، واطمئنان القلب، إذا فاز بهذا
النعيم، فلسوف ينظر إلى الدنيا كلها بعين البصيرة، لا عين البصر،
فيراها لهواً ولعباً، لا تستحق أن ينتظر منها شيئاً، بل ينظر إلى كل
شيء فيه إلى أنه ينبغي تحويله إلى وسيلة لثواب الآخرة، ويحصل في قلبه
من الرضا بالله تعالى، والركون إلى التوكل عليه وتفويض الأمور إليه،
ما هو أحب إليه من كل متاع الدنيا. فلماذا الناس عن هذا غافلون،
فيدعون الدنيا تنغص عليهم وما يستحق والله شيء فيها أن ينغص على عاقل
حياته، لو كانوا يعلمون، والله أعلم.