حول طاعة الأمير

ورد أكثر من سؤال حول قول سماحتكم: (طاعة الأمير واجبة ومن أطاع الأمير فقد أطاعني) ولكن هل نطيع الأمير في كل شيء؟

الإجابة

هذا حديث رواه الشيخان في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني))[1] والله يقول في كتابه العظيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ[2] الآية. لكن هذا مطلق قيدته السنة، فالسنة والقرآن يقيد بعضهما بعضاً، فالمطلق في كتاب الله تقيده السنة، وهكذا المطلق في السنة يقيده القرآن والسنة، وهذا من المواضع التي قيدت بالسنة فالله قال: وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ[3] وجاء في السنة الصحيحة: ((إنما الطاعة في المعروف))[4] فلا يطاع ولاة الأمور إلا في المعروف، وهكذا الوالد، والزوج، وغيرهما لا يطاعون إلا في المعروف، وهكذا شيخ القبيلة لا يطاع إلا في المعروف، للحديث المذكور، ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق))[5] ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم: ((إنه سيلي عليكم أمراء تعرفون منهم وتنكرون، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ أفلا ننابذهم بالسيف؟ قال: لا، أدوا إليهم حقهم واسألوا الله الذي لكم))[6]، وفي اللفظ الآخر قال: ((فوا لهم بما عليكم واسألوا الله الذي لكم))[7]، وفي اللفظ الآخر قال: ((لا، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان))[8]، وفي اللفظ الآخر قال: ((ما أقاموا فيكم الصلاة))[9]، فالسمع والطاعة لولاة الأمور مقيدة في الأحاديث الصحيحة بالمعروف.

[1] رواه البخاري في الجهاد والسير برقم 2737، ومسلم في الإمارة برقم 3418 , وأحمد في باقي مسند المكثرين برقم 9655 واللفظ له.

[2] سورة النساء الآية 59.

[3] سورة النساء الآية 59.

[4] رواه البخاري في الأحكام برقم 6612، ومسلم في الإمارة برقم 3424.

[5] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه في الجهاد برقم 15564، والسيوطي في الدر المنثور 2/ 177 من طريق ابن أبي شيبة.

[6] رواه أحمد في مسند المكثرين برقم 3458.

[7] رواه البخاري في الفتن برقم 6529، والترمذي في الفتن برقم 2116.

[8] رواه البخاري في الفتن برقم 6532، ومسلم في الإمارة برقم 3427.

[9] رواه أحمد في باقي مسند المكثرين برقم 10792.من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته بعد محاضرة ألقاها بعنوان" السنة ومكانتها في الإسلام" - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء التاسع.