حكم قضاء الصلاة المتروكة عمدا لمدة من الزمن

منذ ولادتي حتى سن الخامسة عشرة لم أؤدي فرض الصلاة، ولكن الآن فإني مواظب على الصلاة منذ سبعين سنة، وقد قضيت عن المدة التي فاتتني، غير أن سادتنا العلماء قالوا: إن ذلك لا ينفع! أرشدوني أثابكم الله.

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالحمد لله الذي منَّ عليك بالاستقامة حتى أكملت هذه المدة الطويلة وأنت تحافظ على الصلاة، أما تركته من الصلوات قبل إكمال الخمسة عشر سنة، فهذا فيه تفصيل: فإن كنت قد بلغت الحلم بإكمال خمس عشرة سنة أو بإنبات الشعر الخشن حول الفرج وهو الشعرة أو بإنزال المني عن احتلام أو بتفكير أو نظر أو نحو ذلك فأنت بذلك قد بلغت الحلم، والذي تركته من الصلوات بعد ذلك معفواً عنه إذا كنت قد تبت إلى الله من ذلك وندمت فالتوبة تجب ما قبلها، فإذا كنت تبت إلى الله وندمت على ما قصرت فيه من ترك الصلاة وعزمت على ألا تعود ثم استمررت في ذلك كما ذكرت فالحمد لله، وكل ما تركته من ذلك قد محي عنك بالتوبة، فالتوبة تجب ما قبلها، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الإسلام يهدم ما قبله والتوبة تجب ما قبلها) يعني تمحو ما كان قبلها. والذي قال لك من العلماء أن التوبة ما تنفع هذا كلام باطل غلط، وليس هذا من العلماء، فالتوبة يمحو الله بها الكفر ويمحو الله بها جميع الذنوب، أما إن كنت لم تبلغ بأن تبت إلى الله واستقمت على الصلاة قبل كمال الخامسة عشرة سنة ولم يكن سبق منك إنزال ولا إنبات قبل خمس عشرة سنة فأنت في حكم الأطفال وليس عليك صلاة واجبة؛ لأن الصلاة إنما تجب بالبلوغ بلوغ الحلم، فإذا كنت لم تبلغ حين تركت الصلوات فليس عليك شيء؛ لأنك غير مكلف بها تكليف الوجوب، وإن كنت مأمورا بها وعلى وليك أن يأمرك بها ويضربك إذا تركتها لكنها لا تجب عليك وجوب المكلفين، لا. وإنما يشرع لك فعلها والمحافظة عليها ويجب عليك أن تعتاد ذلك وعلى وليك أن يحاسبك عن ذلك لكن لو تركت منها شيئاً قبل البلوغ فلا شيء عليك لا قضاء ولا توبة لأنك حينئذ لست من أهل التكليف إنما التكليف بعد بلوغ الحلم، فاحمد الله على ما منَّ به عليك من التوبة واطمئن واعلم أنك بحمد الله على خير، وأن توبتك عما تركته من الصلوات قبل خمسة عشر سنة سواء كنت قد بلغت أو لم تبلغ فهو معفو عنه وممحي عنه بالتوبة، التوبة يمحو الله بها ما قبلها من الذنوب كما قال الله سبحانه وتعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(النور: من الآية31)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم – لعائشة :(يا عائشة التائب من الذنب كمن لا ذنب له) فنسأل الله أن يمن علينا وعليك وعلى جميع المسلمين بالتوبة النصوح، وأن يتقبل منا ومنكم ومن كل مسلم.