حكم زيارة القبور، والتمسح بالقبر، أو الشخص العالم الولي

في حضرموت وفي مدينة سيئون، يذهب الناس في وقت محدد من كل سنة إلى زيارة قبة علي حبشي، يقال: إنه أحد الأولياء، وفي هذه القبة قبره، والطريقة المتبعة هي: غسل وتلبيس القبر، ثم ثاني يوم وقفة مع خطبة لأحد العلماء، وذلك قبل شروق الشمس، نرجو أن تفتونا بذلك مع دليل، وما حكم زيارة القبور، والتمسح بالقبر، أو الشخص العالم الولي؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فهذا القبر المسؤول عنه لا نعرف له أصلاً ، ثم لو عرف فإن البناء على القبور، وتخصيص يوم معين لزيارتها، واتخاذها أعياد أمر منكر، النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : (لا تتخذوا قبري عيدا ، ولا بيوتكم قبوراً). فلا يجوز أن تعظم القبور بالبناء عليها واتخاذها مساجد ، ولا باتخاذها أعياداً يجتمع إليها في السنة مرة أو مرتين ، كل هذا مما أحدثه الناس ، وإنما المشروع أن تزار حينما ييسر الله من الأيام ، من غير تحديد يوم معين ، تزار ويدعى للميت ويترحم عليه؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة). تذكره بالموت ، فيزروها المؤمن ، يزورها الرجل ، أما النساء فمنهيات عن زيارة القبور ، لكن يزورها الرجل ويسلم على المقبور، ويدعو له بالمغفرة والرحمة ، هذا هو المشروع من دون شد رحل ، أما شد الرحال فلا يجوز شد الرحال إلى القبور ، وإنما تشد الرحال إلى المساجد الثلاثة فقط: المسجد الحرام ، ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم-، والمسجد الأقصى ، هكذا بين النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى). أما شد الرحال لقبر معين، أو لقبور معينة ، فهذا منكر وخلاف السنة ، ثم قصد القبور للدعاء عندها ، أو الصلاة عندها، أو القراءة عندها أيضاًَ منكر ، ومن وسائل الشرك ، فلا تتخذ محلاً للدعاء والصلاة والقراءة ، بل هذا من نوع اتخاذها مساجد ، فلا يجوز ، ولا يجوز البناء عليها ، لا بقبة ولا بسقف ، لا يتخذ قبر مصلى ، ولا يبنى عليه قبة ، ولا يفرش، ولا يطيب ، لأن هذه من وسائل الشرك، ومن وسائل الغلو فيه ، فلا يجوز هذا العمل الذي ذكره السائل، من قصد القبر وتغسيله وتعظيمه ، والاجتماع عنده ، والتبرك به ، كله من المنكرات التي حرمها الله - عز وجل- ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). وقال : (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك). فلا يجوز أن تتخذ مساجد ، ولا أن يبنى عليها، ولا يصلى عندها ، وقد قال أيضاً عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة). فدل على أن القبور ليست محل مساجد ، ولا محل قراءة ، وقال أيضاً - عليه الصلاة والسلام - فيما رواه جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- : أنه نهى عن تجصيص القبور وعن القعود عليها ، وعن البناء عليها. رواه مسلم في الصحيح. فالقبور لا يُبنى عليها ، لا قبة ولا غيرها ، ولا يبنى عليها مسجد ، ولا تتخذ محلاً للدعاء والصلاةs0 ، ولكن تزار من البلد من دون شد رحل ، يزورها أهل البلد، أو المارّ عليها فيسلم عليها فيسلم عليهم ويدعو لهم ويستغفر لهم ، وفيها عبرة وذكرى، بالزيارة يذكر الموت ، ويذكر الآخرة ، ويذكر ما صار إليه هؤلاء الأموات، فيستعد للقاء الله - عز وجل- ، هذا هو المشروع ، فينبغي الحذر مما أحدثه الجهال ، ومما يفعله الجهال من الغلو في القبور، ودعاء أهلها والاستغاثة بهم ، والنذر لهم ، وطلبهم المدد ، فإن هذا من الشرك الأكبر ، والذي يقول : يا سيدي فلان المدد المدد، الغوث الغوث ، اشفي مريضي، انصرنا على أعداءنا ، هذا من الكفر والشرك الأكبر؛ إنما يطلب من الله، هو الذي يمد العباد ، هو الذي ينصرهم ، هو الذي يشف المرضى - سبحانه وتعالى- ، أما الميت فليس عنده قدرة ، لا يشفي نفسه، ولا يشفي غيره، فدعاؤه، والاستغاثة به، والنذر له، والذبح له، وطلب المدد، كل هذا من عمل الجاهلية، ومن الشرك الأكبر، فيجب الحذر من ذلك، - والله المستعان-.