تفسير قوله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)

أرجو من سماحة الشيخ تفسير قوله تعالى في كتابة العزيز في سورة الأنبياء: ((بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ))((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ))[الأنبياء:107].

الإجابة

الآية على ظاهرها، الله سبحانه أرسل نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- رحمة للعالمين، فهو رسول الله إلى الجن والإنس إلى الجميع، كما قال تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا.. (158) سورة الأعراف، وقال سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا.. (28) سورة سبأ، فهو رسول الله إلى الجميع وهو رحمة الله إلى العالمين، بأسباب رسالته وطاعة أوامره ينزل الغيث وينتفع العالم كله الدواب والشجر والجن والإنس والحيوانات، وتقوم الحجة على الكافر، ويُبلَّغ الرسالة، فهو رحمة للعالمين جميعاً، فمن دخل في رسالته كانت الرحمة كاملة في حقه، ودخل الجنة ونجا من النار، ومن لم يدخل قامت عليه الحجة وانتفت المعذرة وصار بذلك قد رحم من جهة بلاغه ومن جهة إنذاره حتى لا يقول: مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ.. (19) سورة المائدة، فهي نوع من الرحمة، ثم ما يحصل من الخير من الغيث الذي ينتفع به الكافر والمسلم، وما يحصل من الأمن في العهود والمواثيق يحصل به الرحمة والخير للمسلم والكافر، إلى أشبه ذلك من الخيرات التي تقع بأسباب هذه الرسالة، حتى للكافر، حتى للدواب! فهو -صلى الله عليه وسلم- رحمة للعالمين جميعاً، لكن من دخل في الإسلام واستقام على الدين صارت الرحمة في حقه أكثر وأكمل، ومن لم يدخل في دين الله نال من الرحمة بقدر ما حصل له من الخير من غيث وأمنٍ ورزق واسع بأسباب هذه الرسالة، ومن أمنه في بلاده بالعهود والمواثيق التي بينه وبين المسلمين إلى غير ذلك من أنواع الرحمة.