الوتر قبل النوم

إنني ولله الحمد أقوم الليل، إلا أنني أوتر بعد أداء سنة العشاء، وذلك خوفاً من أن يقبض الله روحي قبل أدائها، وخوفاً من أن يغلبني النوم فلا أستطيع أدائها، فبماذا تنصحونني، وهل ما أنا عليه صحيح؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فقيام الليل من أفضل القربات، ومن صفات عباد الرحمن الأخيار، ومن صفات المتقين قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: إن المتقين في جناتٍ وعيون آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون، وقال سبحانه في صفات عباد الرحمن: والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً، فأنت على خير فنوصيك بالثبات وسؤال الله القبول، وعليك بالاستقامة ولكن الأفضل لك أن تجعلي الوتر آخر الليل ما دمت تقومين آخر الليل فاجعلي الوتر آخر الليل وأحسني الظن بالله، أحسني الظن بالله وأبشري بالخير ما دمت قد اعتدت هذا الخير، تقومين في آخر الليل فاجعلي وترك في آخر الليل، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -في الحديث الصحيح: من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل، فبين - صلى الله عليه وسلم -أن صلاة آخر الليل مشهودة، وأنها أفضل في أول الليل وأنت بحمد الله تطمعين أن تقومي، قد اعتدت القيام فأخري الوتر في آخر الليل، وإذا غلبك النوم صليت من النهار ما يقابل ذلك شفعاً دون وتر كما كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غلبه نوم أو وجع صلى من النهار ثنتا عشر ركعة، وكان عدد ركعاته - صلى الله عليه وسلم - في الغالب أحد عشر ركعة، فإذا شغله نوم أو مرض زاد واحدة، صلى ثنتا عشرة ركعة، هكذا ورد عن عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم، والمؤمن يجب أن يكون حسن الظن بالله تعالى، فعليك بحسن الظن بالله، والاجتهاد بالخير وأن تكون صلاتك آخر الليل مع الوتر لهذا الحديث الصحيح، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -في الحديث الصحيح: ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يقام ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، وهذا الحديث العظيم متواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يدل على فضل آخر الليل، وأن العبادة فيه لها شأن عظيم، وأن دعاء العبد حري بالاستجابة، و هكذا توبته واستغفاره، وهذا النزول نزول يليق بجلال الله جل وعلا لا يشابه خلقه من صفاته سبحانه وتعالى، فهو في نزوله كسائر صفاته، كالاستواء، والكلام والغضب والرضا وغير ذلك، كلها صفات تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى، فكما قال السلف في الاستواء أنه على وجهٍ لائق بالله فهكذا النزول، وهكذا بقية الصفات، يقول جل وعلا: الرحمن على العرش استوى، سئل مالك رحمه الله الإمام المشهور إمام دار الهجرة في زمانه، مالك ابن أنس، قيل يا أبا عبد الله: الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ قال: الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، وهكذا روي عن أم سلمة أم المؤمنين وعن ربيعة شيخ مالك، أنهم قالوا هذا المعنى، الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول، وهكذا النزول معروف والكيف مجهول، ينزل كما يشاء سبحانه وتعالى، نزولاً يليق بجلاله، لا يشابه خلقه في صفاته سبحانه، وهكذا يتكلم إذا شاء كلاماً يليق بجلاله، ويغضب إذا شاء على أهل معصيته والكفر به غضباً يليق بجلاله، لا يشابه غضب المخلوقين، وهكذا رضاه، وهكذا سائر صفاته سبحانه وتعالى كلها، يجب أن تمر كما جاءت مع الإيمان بها، واعتقاد بأنها حق وأنها تليق بالله لا يشابه فيها خلقه، ولا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى.